للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شك أن القراءة في الكتب المتقدمة فيها فوائد؛ لأن عمقَ الأسلوب له أثرٌ؛ لأنَّ المسألة عندما تُعْمِلُ فِكْرَك، وتُجِدُّ فيها، وتتعمق فيها، أو تَسْبر غَوْرها (١)؛ بهذا يُصْبح عندك مَلَكةٌ ومِرَانٌ على دراسة المسائل التي تحتاج إلى كدِّ (٢) ذهنٍ وتعبٍ، وإنما لا تُعود نفسك على أن تكون سطحيًّا تأخذ بالظواهر، وتتعود على ذلك، ويتعود ذهنك على هذا الأمر، فلا يكون لديه الاستعداد أن يدرس المسائل الصعبة التي تحتاج إلى وَقَفَاتٍ وتَعمُّقٍ كما نجد ذلك في سائر العلوم.

* قوله: (إِذْ قَدِ انْعَقَدَ الإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ المُصَلِّيَ إِذَا انْصَرَفَ إِلَى غَيْرِ القِبْلَةِ أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنَ الصَّلَاةِ (٣)، وَكَذَلِكَ إِذَا فَعَلَ فِيهَا فِعْلًا كَثِيرًا (٤) لَمْ يُجِزِ البِنَاءَ؛ لَا فِي الحَدَثِ، وَلَا فِي الرُّعَافِ).

مُرَادُهُ بأنَّ الإجماعَ قد حَصَل فيما لو أن المصلي اتجه إلى غير القبلة بسبب حدثٍ أحدثه، أو ما شَابَه ذلك أنه قَدْ خرج من الصلاة بذلك الانصراف عن القبلة؛ وذلك لأنَّ الاتجاه إلى القبلة من شُرُوط صحَّة الصلاة (٥)، وَكَذَلك انْعَقَد الإجماعُ على خُرُوج المصلِّي من صلاته؛


(١) "السَّبْر": استخراج كُنْه الأمر. والسَّبْر: مصدر سبر الجرح يسبره ويسبره سَبْرًا: نظر مقداره وقاسه ليعرف غوره. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٤/ ٣٤٠).
(٢) "الكَدُّ": الشدة في العمل، وطلب الرزق، والإلحاح في محاولة الشيء. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٣/ ٣٧٧).
(٣) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (١/ ١٢٤)، حيث قال: "واتفقوا أن مَنْ تحوَّل عن القبلة عمدًا لغير قِتَالٍ، أو لغير غسل حدث غالب، أو نسيان الوضوء له أو لغير غسل لرعاف، أو لغير ما افترض على المرء من أمير بمعروفٍ أو إصلاحٍ بين الناس، أو إطفاء نار أو إمساك شيءٍ فائتٍ من مال، أو بغير إكراهٍ، أن صلاته فاسدة".
(٤) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (١/ ١٤١)، حيث قال: "واتفقوا أن الأكل والقهقهة والعمل الطويل بما لم يُؤْمر به فيها ينقضها إذا كان يتعمَّد ذلك كله، وهو ذاكرٌ بأنَّه في صلاته".
(٥) مَذْهب الحنفيَّة، يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ٢٦)، حيث قال: "ويستقبل القبلة إلا أن يكون خائفًا، فيصلي إلى أيِّ جهة قدر". =

<<  <  ج: ص:  >  >>