للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصلى إلى بعيره (١)، وجاءت أحاديث كثيرة تحض على السُّترة في الصلاة، وتُرغِّب فيها، وأن المسلم ينبغي عليه أن يَتَّخذ له سترةً إذا أراد أن يُصلي، وأن هذه السترة ينبغي أن تكون وقايةً له بحيث لا يمر أحدٌ بينه وبين سترته، كما أنه لا ينبغي للطرف الآخر أن يؤذي أخاه المؤمن بالمرور بين يديه، فيترتب على ذلك تشويش عليه، وربما ذهاب خشوعه، وهناك مَنْ يرى أنه يقطع الصلاة.

إذن، ينبغي للمسلم أن يختار سترةً، فلا ينبغي أن يُعرِّضَ نفسه ليتسبب في أن يلحق بإخوانه المسلمين إثمًا بسببه.

الجانب الثاني: (هو المارُّ بين يديه):

ينبغي أن يتوقع مثل ذلك، فلا يتسرع في الخروج، فيمر بين يدي المصلين، والمسألة تختلف بين أن يكون المُصلِّي (إمامًا، أو منفردًا، أو مأمومًا).

أما المأموم: فسترة الإمام سترة للمأموم، وقد ورد في ذلك أحاديث نُقلت في ذلك (٢)، وإن كان فيها كلام للبعض، لكن هذه من المسائل التي التقى عندها العلماء، وأخذوا بها، فسُتْرة الإمام سترة للمأموم (٣).

إذن، يبقى الإشكال فيما يتعلَّق بالإمام، وفيما يتعلَّق بمَنْ يُصلي


= ومُؤخِّرة الرحل: هي التى يستند إليها الراكب. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٤/ ١٢).
(١) أخرجه البخاري (٥٠٧)، عَن ابن عمر، عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه "كان يعرض راحلته، فيُصلَي إليها"، قلت: أفرأيت إذا هبت الركاب؟ قال: "كان يأخذ هذا الرحل فيعدله، فيصلي إلى آخرته" أو قال: "مؤخره"، وَكَانَ ابن عمر -رضي اللَّه عنه- يفعله.
(٢) أخرجه الطَّبرانيُّ في "الأوسط" (١/ ١٤٧)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "سُتْرة الإمام سترة مَنْ خلفه"، وَضعَّفه الأَلْبَاني في "السلسلة الضعيفة" (٣٦٩٥).
(٣) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (١/ ١٤٣)، حيث قال: "والإجماعُ المتيقنُ الذي لا شك فيه أن سُتْرة المصلِّي لا يكلف أحد من المأمومين اتخاذ سترة أُخرى؛ بل تكفي الجميع سترة الإمام".

<<  <  ج: ص:  >  >>