للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي العَضُدِ، وَرِجْلَيْهِ حَتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقِ" (١)، فهذا يدل على أن الكعبين يُرَاد بهما العظمان الناتئان.

ومنها كذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: "سَوُّوا صُفُوفَكُمْ وَتَرَاصُّوا" (٢).

وقوله: "لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ" (٣).

وَحَديث النُّعْمَان بن بشيرٍ الذي جاء فيه: "فَكَانَ الرَّجُلُ يُمْسِكُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ، وَرُكْبَتَيْهِ بِرُكْبَتَيْهِ، وَكعْبَيْهِ بِكَعْبَيْهِ" (٤).

وهذا كله لا يُتَصَوَّرُ وقوعه إلا إن أُرِيدَ بالكعب العظمان الواقعان على جانبي القدم، ولا يُتَصَوَّرُ أن يكون المقصود العظم الموجود في مَعْقِل شِرَاك النعل (٥) الذي فيه عُشْرُ القدم.

وكذلك ما رُوِيَ أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حينما كان يَسجُدُ في مكةَ، كان المشركون يؤذونه بإلقاء الحجارة عليه حتى يُدْمُوا (٦) كَعْبَيْهِ عليه الصلاة والسلام (٧)، وهذا لا يَحصُلُ إلا في الكَعبَيْن الموجودَيْن في أسفل الساق.

فالصحيح والراجح أنهما العظمان الناتئان، والأمر في هذا ظاهرٌ وبَيِّنٌ.


(١) أخرجه مسلم (٢٤٦).
(٢) أخرجه البخاري (٧١٩) بلفظ: "أَقِيمُوا صُفُوفَكم، وتَرَاصوا، فإنِّي أرَاكُمْ من ورَاء ظهري".
(٣) أخرجه البخاري (٧١٧)، ومسلم (٤٣٦).
(٤) أخرجه البخاري (٧٢٥).
(٥) "شراك النعل": سيرها الذي على ظهر القدم. انظر: "المصباح المنير" للفيومي (١/ ٣١١).
(٦) ضربوه حتى خرج منه الدم. يُنظر: "لسان العرب" لابن منظور (١٤/ ٢٦٩).
(٧) أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (١٤/ ٥١٨)، وغيره، عن طارق بن عبد الله المحاربي قال: "رأيتُ رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم- مرَّ بسوق ذي المجاز، وأنا في بياعة لي، فمر وعليه حلة حمراء، فسمعته يقول: "يَا أيُّها النَّاسُ، قُولُوا: لا إله إلا الله تفلحوا"، ورجل يتبعه يَرْميه بالحجارة، قد أدمى كعبيه (يعني: أبا لهب) "، وصححه الأَلْبَانيُّ في "التعليقات الحسان" (٦٥٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>