للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦]، والعُلَماءُ يَخْتلفون بعد ذلك فيما إذا كان ما بعدها داخلًا فيما قبلها أم لا، وهناك رأيٌ وَسَطٌ لبعض العلماء أن الغاية إذا كانت من جنس المغيَّا دَخَلَت، وإلا فلَا.

ما المراد بالكعبين في قوله تعالى: {إِلَى الْكَعْبَيْنِ}؟ هل هما العَظمان النَّاتئان عند أسفل الساق؟ أم هما العَظْمان الموجودان على مشط القدم؟

على قولين:

القول الأول: أنَّ المراد بالكعبين إنما هما العظمان الناتئان الواقعان في مُلتَقَى الساق على جانبي القدم (١)، وأنَّ المراد إدخالهما، وجماهير العلماء على هذا القول.

القول الثاني: هُمَا العظمان الموجودان على مشط القدم، وقد نُقِلَ هذا القول عن بعض المالكية كابن القاسم (٢)، ونُقِلَ كَذَلك عن محمد بن الحسن (٣) صاحب أبي حنيفة، وإن كان بعض العلماء يُضَعِّفُ نسبة هذا القول إليه.

والقول الأول المنقول عن جماهير أهل العلم هو الصحيح في هذا، وتشهد له الأدلة المتنوعة:

أولًا: من حيث اللغة: فعامة أهل اللغة على أن المراد بالكعبين هما العظمان الناتئان على جانبي القدم.

ثانيًا: الروايات والآثار:

منها الأثر المنقول عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه: "غَسَلَ يَدَيْهِ حَتَّى أَشْرَعَ


(١) "الكعبان": هما العظمان النائتان في منتهى الساق مع القدم، وهما ناتئان عن يمنة القدم وشمرتها. انظر: "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" للأزهري (ص ٢٤).
(٢) يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (١/ ١٩٢) حيث قال: "قال ابن القاسم: قال تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦]، والكعبان اللذان إليهما حد الوضوء هما اللذان في الساقين".
(٣) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ٧) حيث قال: "وما رَوَى هشام عن محمد أنه المُفصَّل الذي عند معقد الشراك على ظهر القدم، فغير صحيح".

<<  <  ج: ص:  >  >>