للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من هاتين الصفتين؛ فإنها لا تُؤثِّر في صلاته، ولا تُفْسدها، وَقَاسوا ذلك على مَنْ صلى ونفسه تتوق ومتعلقة بالطعام: "لَا صَلَاة بحَضْرة الطَّعام، ولَا وَهُوَ يُدَافعه الأَخْبَثان" (١).

فالعُلَماءُ متَّفقون على أن مَنْ صلى وهو يشتهي الطعام، وتتوق نفسه إليه وتميل إليه؛ فإن صلاته صحيحة بلا خلاف (٢)، كذلك هنا بالنسبة لمَنْ صلى وهو حاقن أو حاقب.

ثانيًا: ومن العلماء من قال: ينبغي أن يعيد في الوقت، وقد نسب المؤلف ذلك إلى مالك، وأظن أن مذهب المالكية فيه تفصيل في هذه المسألة (٣)، ونُقل أيضًا عن ابن أبي موسى من الحنابلة ما يقرب من ذلك (٤)، ولكنه قيَّد ذلك بأن يكون شديدًا.

ولكن: ما الحكمة من قول العلماء بأن من صلى وهو حاقن أو حاقب فإنه يُكْره له ذلك أو تبطل صلاته؟

لأنَّ الإنسانَ مُطَالبٌ بأن يخشعَ في صلاته، والحاقن قَدْ يذهب خشوعه، فقد تَشوَّش ذهنه، وانشغل قلبُهُ، وقد ذَهَب عنه اطمئنان القلب،


= تاق إليه، ولو فاتته الجماعة ما لم يضق الوقت، فلا يُكْره، بل يجب ويحرم اشتغاله بالطهارة إذن".
(١) سيأتي تخريجه.
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٢/ ٢٩٧)، حيث قال: "وقد أجمعوا أنه لو صلَّى بحضرة الطعام، فأكمل صلاته، ولم يترك من فرائضها شيئًا أن صلاته مجزية عنه، وكذلك إذا صلى حاقنًا فأكمل صلاته".
(٣) يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٢/ ٤٠٠)، حيث قال: "وقال في "الطراز" في باب الصلاة بالحقن: ومَنْ بلغ به الجوع ثم حضر الطعام والصلاة، فليبدأ بقضاء حاجته من الطعام؛ لأنه يتفرَغ بذلك للصلاة، فإن بدأ بالصلاة، فإن كان باله مشغولًا، بحيث لا يدري ما صلى يعيد ذلك أبدًا، وإن كان دون ذلك، ولكن يُقْلقه ويعجله، فحسن أن يعيد في الوقت، وإن كان إنما تَتُوقُ نفسه إلى الطعام من غير أن يشغله، فلا شيء عليه، انتهى باختصارٍ".
(٤) يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (٢/ ٩٢)، حيث قال: "وعنه يُعِيدُ مع مدافعة أحد الأخبثين، وعنه يعيد إِنْ أزعجه، وذكر ابن أبي موسى: أنه الأظهر من قوله".

<<  <  ج: ص:  >  >>