للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وراحة النفس؛ لأن هناك أمرًا يزعجه، ويشغل باله، ولذلك لا ينبغي أن يدخل الصلاة وهو حاقن أو حاقب حتى وإنْ فَاتَته الصلاة، وإنما يَنْبغي أن يدخلَ إلى الصلاة وهو مطمئن النفس، لَا يُوجَد ما يشغل باله، ولا ما يُشوِّش عليه، ولا ما يذهب خشوعه أو يضعفه، لأن اللَّه سبحانه وتعالى أثنى على الخاشعين.

لكن لو حصل ذلك، هل يؤثر ذلك في صلاته؟

لا شك أنه وَرَد في ذلك عدة أحاديث، ومن تلك الأحاديث قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يحلُّ لامْرِئٍ أن ينظرَ في جَوْف بيت امْرِئٍ حتى يستأذنَه، ولا أن يقومَ إلى الصلاة وهو حقن" (١).

"حَقِن" على وَزْن "فَعِل"، وهذه صيغة من صيغ المبالغة، وحقن يعني حاقن.

وجاء أيضًا في الحديث الذي أخرجه مسلم من حديث عائشة أنها قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا صلاةَ بحضرةِ طعامٍ، ولا وهو يُدافِعُه الأخبثانِ" (٢).

كَأنَّ البولَ والغائطَ يُصَارعانه، هما يريدان منه أن يقضي حاجته، وهو يتحمل ويتصبر، فيدخل في الصلاة، ولا شكَّ أن ذلك سيَشْغله، وسيشوش عليه، ومع ذلك نجد أن جماهير العلماء حملوا ذلك على الكراهة، وقالوا: لا نرى فرقًا بين هذا وبين مَنْ يدخل في صلاته ونفسه متعلقة بذلك الطعام.

وَلذَلك، جاء في الحديث: "إذا حضرت العِشَاءُ، فابدؤوا بالعَشاء" (٣).


(١) أخرجه الترمذي (٣٥٧)، وضعفه الأَلْبَانيُّ في "ضعيف أبي داود" (١٢) إلا الجملة الأخيرة منه، فصحيحة لشواهدها.
(٢) أخرجه مسلم (٥٦٠).
(٣) أخرجه البخاري (٦٧١)، ومسلم (٥٥٧) ولفظه: "إذا حضر العَشَاء، وأقيمت الصلاة، فابدؤوا بالعَشَاء".

<<  <  ج: ص:  >  >>