للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالرَّاجح: أنَّ الأَوْلَى في المُصلِّي ألَّا يدخل في صلاته وهو حاقن أو حاقب؛ فإن فَعَل، فصلاتُهُ صحيحةٌ مع الكراهة، والعلة في ذلك -كما ذكرنا- هو أن وجودَ مثل هذه الأشياء تَشْغله وتُشوِّش عليه، وربما تجعل قلبه ينصرف، وقد يحسُّ بألمٍ، وبمشقةٍ، فبدل أن ينشغل في عبادته، ويُفرِّغ نفسه لها؛ يتشوش ذهنه في هذه الأمور.

* قوله: (فَأَكْثَرُ العُلَمَاءِ يَكْرَهُونَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ وَهُوَ حَاقِنٌ، لِمَا رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ زيدِ بْنِ أَرْقَمَ).

زَيْد بن أرقم هو الَّذي وَرَد عنه: "كنَّا نَتكَلَّم في الصلاة، يُكلِّم أحدنا صاحبَه إلى جَنْبه"، حتى نزَل قوله تَعالَى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨].

"فأُمِرْنَا بالسُّكُوت" في رواية "الصحيحين" (١)، وفي مسلم: "فأمرنا بالسكوت ونُهينا عن الكلام" (٢).

* قوله: (قَالَ: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ الغَائِطَ، فَلْيَبْدَأْ بِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ" (٣)، وَلمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أَنَّهُ قَالَ: "لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ" (٤)، يَعْنِي: الغَائِطَ وَالبَوْلَ، وَلِمَا وَرَدَ مِنَ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ


=ومذهب الحنابلة، يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (٢/ ٩٨)، حيث قال: "عمل القلب لا يُبْطل الصلاة وإن طال، على الصحيح من المذهب نص عليه، وقيل: يبطل إن طال، اختاره ابن حامد وابن الجوزي، قاله الشيخ تقي الدين قال: وعلى الأول لا يُثَاب إلا على ما عمله بقلبه".
(١) أخرجه البخاري (١٢٠٠)، ومسلم (٥٣٩).
(٢) أخرجه مسلم (٥٣٩).
(٣) أخرجه أبو داود (٨٨)، والترمذي (١٤٢)، وصححه الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود" (٨٠)، وهو عن عبد اللَّه بن أرقم كما ذكر الشارح.
(٤) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>