للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوَقْتِ" (١). وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: اخْتِلَافُهُمْ فِي النَّهْيِ، هَلْ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ المَنْهِيِّ عَنْهُ أَمْ لَيْسَ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِهِ؟) (٢).

هذه مسألة أصولية معروفة، وهي: هل النهي يقتضي فساد المنهي عنه؟ وكما هو الحال بالنسبة للأمر، فالأمر يقتضي الوجوب، والنهي أحيانًا يقتضي فساد المنهي عنه، وأحيانًا يأتي صارف من الصوارف كقرينة، فتنقل ذلك من النهي الذي يفسد العمل إلى الكراهة، وقد يكون النهي نهي تنزيه، وهذه مسائل معروفة.

* قوله: (وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى تَأْثِيمِ مَنْ فَعَلَهُ فَقَطْ إِذَا كَانَ أَصْلُ الفِعْلِ الَّذِي تَعَلَّقَ النَّهْيُ بِهِ وَاجِبًا أَوْ جَائِزًا، وَقَدْ تَمَسَّكَ القَائِلُونَ بِفَسَادِ صَلَاتِهِ


(١) تقدَّم ذكر مذهب المالكية، وقَدْ أوجبوا الإعادة أبدًا على مَنْ أشغلَه ذلك عن فَرْضٍ من فرائض الصلاة، وأما غير ذلك فَيُعِيدُ فِي الوقت.
ويُنظر: "الشرح الصغير" للدردير (١/ ٣٤٩، ٣٥٠)، حيث قال: " (و) بطلت (بمشغل)، أي: مانع (عن فرض) من فرائض الصلاة؛ كركوع أو سجود وقراءة فاتحة أو بعضها كشدة حقن أو غثيان أو وضع شيءٍ في فمه، (وأعاد فيه) مشغل عن (سنة) مؤكدة".
وقال الصاوي في "الحاشية": "واعلم أن محل البطلان بالمشغل عن الفرض: إذا كان لا يقدر على الإتيان معه بالفرض أصلًا، أو يأتي به معه، لكن بمشقة إذا دام ذلك المشغل".
(٢) اختلفت مذاهب العلماء في مسألة اقتضاء النهي للفساد على أقوال.
يُنظر: "التلخيص في أصول الفقه" للجويني (١/ ٤٨١)، حيث قال: اعلم -وفَّقك اللَّه- أن هذا مما اختلف فيه الفقهاء والمتكلمون، فَمَا ذهب إليه الجمهور من أصحاب الشافعي ومالك وأبي حنيفة، وأهل الظاهر، وطائفة من المتكلمين: أن النهيَ عن الشيء يدلُّ على فساده كما أن الأمر بالشيء يدلُّ على إجزائه، ثم اختلف هؤلاء، فَذَهب بعضهم أن النهي دال على فساد المنهي عنه من جهة وَضْع اللسان، وذَهَبَ آخرون إلى أن النهي إذا ثبت فإنما يعلم فساد المنهي عنه بموجب الشرع دون قضية لفظ النهي في اللغة، وَذَهَب الجمهور من المتكلمين أن النهي لا يدلُّ على الفساد، ثمَّ أجمع هؤلاء على أنه كما لا يدل على فساد المنهيِّ عنه، لا يدلُّ على صحته وإجزائه". وانظر: "اللمع" للشيرازي (ص ٢٥)، و"قواطع الأدلة" للسمعاني (١/ ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>