للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتكلم العلماء عن المرتدِّ أوَّلًا:

وقد اختلفوا في المرتد (١): فلو أنَّ إنسانًا مسلمًا ثم ارتدَّ وأسلم، ثم ارتدَّ فترك شيئًا من الصلوات، فهل يعامل معاملة الكافر الأصلي فيسقط عنه ما مضى؟ (٢)؛ لقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨]، أو أنَّه يُطالب بقضاء ما فاته من الصلوات؛ لأنَّ حاله تختلف عن حال ذاك؛ لأنَّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: "من بدَّلَ دينه فاقتلوه" (٣).

أما مَن يتساهل فيترك الصلاة حتى يخرج وقتها، ولم يُصلِّها، وليس من أهل الأعذار فحكمه كذلك.

وأهل الأعذار قد مضى الكلام عنهم، وأعاد المؤلف منهم الناسي والنائم.


(١) "المرتد": هو الراجع عن دين الإسلام إلى الكفر. انظر: "المطلع على ألفاظ المقنع" للبعلي (ص ٤٦٢).
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٢/ ٨٦). حيث قال: "فلا قضاء. . ولا على مرتد ما فاته زمن ردته". ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الصغير بحاشية الصاوي" للدردير (١/ ٣٦٤). حيث قال: " (ويجب) على المكلف (قضاء)، أي: فعل واستدراك (ما فاته منها)، أي: الصلاة بخروج وقته لغير جنون أو إغماء أو كفر أو حيض أو نفاس".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ٢٣٣). حيث قال: " (ولا تجب) الخمس (على مرتد زمن ردته) كالكافر الأصلي (ولا تصح) الصلاة (منه) لفقد شرطها وهو الإسلام (ويقضي) المرتد إذا عاد إلى الإسلام (ما فاته قبل ردته) لاستقراره في ذمته و (لا) يقضي ما فاته (زمنها)، أي: زمن ردته لعدم وجوبه عليه كالأصلي".
وعند الشافعية يلزمه القضاء.
ويُنظر: "مغني المحتاج"، للخطيب الشربيني (١/ ٣١٣). حيث قال: " (إلا المرتد) فيلزمه قضاؤها بعد إسلامه تغليظًا عليه، ولأنه التزمها بالإسلام فلا تسقط عنه بالجحود كحق الآدمي".
(٣) أخرجه البخاري (٣٠١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>