للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما مضى غير مترفة، فما بالكم بأحوال الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه؛ حيث كانوا يقطنون (١) القفار (٢)، ويسلكون المفاوز (٣) السهل منها والوعر (٤)، وكانوا يتحملون المشاق، سواء كانت أسفارهم جهادًا في سبيل اللَّه، أو انتقالًا من مكان إلى مكان، أو دعوةً إلى دين اللَّه، أو في الفتوحات الإسلامية، أو غير ذلك من الأمور التي أباح اللَّه -سبحانه وتعالى- السفر فيها، فكانت تلحقهم بذلك مشاق؛ لذا فقد ناموا في تلك الليلة لِمَا حلَّ بهم من العناء والمشقة والتعب، فلم يستيقظوا إلَّا وقد طلعت عليهم الشمس وشعروا بحرارتها، فاستيقظ بعضهم فأيقظ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأمر الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- صحبه أن يرتحلوا، وبيَّن أنَّ ذلك موضع حضره الشيطان فناموا عن الصلاة، وبعد ذلك صلى الرسول ركعتي الفجر، ثم بعد ذلك صلى بهم الصلاة جماعة.

وفي الحديث أنَّه توضأ وتوضؤوا. . . إلى آخره.

* قوله: (وَأَمَّا تَارِكهَا عَمْدًا حَتَّى يَخْرجَ الوَقْتُ، فَإِنَّ الجُمْهُورَ عَلَى أَنَّهُ آثِمٌ، وَأَنَّ القَضَاءَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ (٥)).

وهذا لا خلاف فيه أنَّ مَن يترك ويؤخِّر الصلاة عن وقتها بغير عذر أنه آثم، وهذا محلُّ إجماع بين العلماء، وليس محلَّ خلاف؛ لأنَّ الوقت شرط، وهذا قد ترك هذا الشرط.


(١) قطن بالمكان يقطن: أقام به وتوطنه، فهو قاطن. يُنظر: "الصحاح" للجوهري (٦/ ٢١٨٢).
(٢) "القفار"، وهي الأرض الخالية التي لا ماء بها. يُنظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (٤/ ٨٩).
(٣) المفاز والمفازة: البرية القفر. والجمع: المفاوز، سمِّيت بذلك؛ لأنها مهلكة، من فوز، إذا مات. يُنظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (٣/ ٤٧٨).
(٤) "الوعر": ضد السهل، وهو المكان الصلب. وجبل وعر وأوعر: صعب المرتقى. انظر: "جمهرة اللغة (٢/ ٧٧٦) "، و"العين" للفراهيدي (٢/ ٢٤١).
(٥) يُنظر: "المجموع" للنووي (٣/ ٧١). حيث قال: "أجمع العلماء الذين يعتدُّ بهم على أن مَن ترك صلاة عمدًا لزمه قضاؤها وخالفهم أبو محمد على ابن حزم".

<<  <  ج: ص:  >  >>