للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَقْضِي وَأَنَّهُ آثِمٌ، وَأَحَدُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ (١)).

ووجهته أنَّه يرى أنَّ الوقت ظرف، وأنَّ الصلاة مظروف في هذا الوقت، فإذا ما أُدِّيَت في غير وقتها من غير عذر فإنَّها لا تصحُّ، لأنَّ هذا كان بإمكانه أن يُؤدِّيها، ولكنه فرَّط فخرج عليه الوقت، والرسول -عليه الصلاة والسلام- سمَّاه مفرِّطًا، فلا تصحُّ منه. لكن مع ذلك أيضًا يقول: لا ينبغي أن ييأس من روح اللَّه -سبحانه وتعالى- ورحمته وعفوه، وتجاوزه عن المسيئين. فعليه أن يعمل الصالحات، ومنها كثرة التطوع، ويأتي في المقدمة أيضًا النوافل والسنن، علَّ اللَّه -سبحانه وتعالى- أن يتجاوز عنه، وأن يغفر له، وبذلك تثقل موازينه في هذه الأعمال فيسقط عنه ذلك الإثم، ويتجاوز اللَّه عنه ذلك.

فهذه هي وجهته، وإن خالف في ذلك عامَّة العلماء.

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: اخْتِلَافُهُمْ فِي شَيْئَيْنِ، أَحَدُهُمَا: فِي جَوَازِ القِيَاسِ فِي الشَّرْعِ (٢). وَالثَّانِي: فِي قِيَاسِ العَامِدِ عَلَى النَّاسِي إِذَا سُلِّمَ جَوَازُ القِيَاسِ.).

مسألةُ القياس مسألةٌ أصولية معروفة، وأهل الظاهر (٣) لا يرون القياس؛ لأنَّهم يرون أنَّ النصوص ينبغي أن تسير مع العقل، ويرون أنَّ


(١) تقدَّم.
(٢) يُنظر: "روضة الناظر" لابن قدامة (١/ ١٥٠ - ١٥٢). حيث قال: "قال بعض أصحابنا: يجوز التعبد بالقياس عقلًا وشرعًا، لقول أحمد، رحمه اللَّه: "لا يستغني أحد عن القياس"، وبه قال عامة الفقهاء والمتكلمين. وذهب أهل الظاهر والنظام إلى أنه لا يجوز التعبد به عقلًا ولا شرعًا".
(٣) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (١/ ٧٨). حيث قال: "ولا يحلُّ القول بالقياس في الدين ولا بالرأي؛ لأن أمر اللَّه تعالى عند التنازع بالرَّدِّ إلى كتابه وإلى رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- قد صح، فمن ردَّ إلى قياس وإلى تعليل يدعيه أو إلى رأي فقد خالف أمر اللَّه تعالى المعلق بالإيمان ورد إلى غير من أمر اللَّه تعالى بالرد إليه، وفي هذا ما فيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>