للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو نسيها فليصلِّها إذا ذكرها" (١).

وَمَنْ شَبَّهَهُ بِالمَجْنُونِ أَسْقَطَ عَنْهُ الوُجُوبَ؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رُفِعَ القلمُ عن ثلاثة، عن المجنون حتى يفيقَ" (٢).

ومن المسائل التي يستدلُّ بها الحنابلة أيضًا أنَّهم يقولون: لا يسقط حقُّ المغمى عليه في الولاية، والذين درسوا أبواب النكاح يدركون أنَّ الولاية لا تسقط عن المغمى عليه، أي: حقه فى الولاية لا يسقط، وهناك عدة مسائل تثبت للمغمى عليه فلا تسقط عنه في حالة الإغماء (٣).

إذًا يختلف المغمى عليه عن المجنون، فالمجنون تسقط عنه التكاليف. إذًا هناك فرق بين المغمى عليه وبين المجنون، فهو بلا شك أشبه حالًا بالنائم.

ونحن أولًا في ترجيحنا لا نأخذ مذهبًا بعينه؛ لكن نأخذ ما يظهر لنا، ومذهب الذين يقولون بوجوب القضاء أحوط، والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" (٤)، ويقول: "مَنِ اتَّقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه" (٥).

لذلك في فقه الشافعية مثلًا في أبواب الترتيب وغيرها، تجد أنَّهم دائمًا يفضِّلون مذهب الحنابلة في مسائل الترتيب، فيقولون: وإن كنَّا لا نقول بوجوبه، لكن نرى أنَّ ذلك أفضل عملًا بالاحتياط. وسيأتي الكلام عنه أيضًا في مسألة: مَن نسي صلاة في الحضر ثُم ذكرها في السفر، أو نسي صلاة في السفر ثم ذكرها في الحضر (٦).


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ٢٢٢). حيث قال: " (وتجب) الخمس (على من تغطى عقله بمرض، أو إغماء أو دواء مباح). . . ولأن مدة الإغماء لا تطول غالبًا ولا تثبت عليه الولاية ويجوز على الأنبياء بخلاف الجنون".
(٤) جُزء من حديث أخرجه الترمذي (٢٥١٨)، وصححه الألباني في "المشكاة" (٢٧٧٣).
(٥) أخرجه مسلم (١٥٩٩).
(٦) سيأتي مفصلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>