للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذًا هذا حجة مَن قال بالقضاء، ولم يُنقَل عن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- ما يخالف ذلك.

والذين قالوا: بعدم القضاء مطلقًا قد استدلُّوا بأنَّ عائشة -رضي اللَّه عنها- سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الرجل يُغمَى عليه أيقضي الصلاة؟ فقال: "لا يقضي إلَّا أن يفيق في جزء منها" (١)، فقد قيَّدوا ذلك بأن يفيق في جزء منها، فإذا أفاق في حالة إغمائه في وقت الظهر مثلًا صلَّى الظهر، فإن لم يصلِّها قضاها بعد ذلك.

لكن هذا الأثر الذي روته عائشة ضعيف جدًّا لا يُعتدُّ به (٢). ولا شكَّ أنَّ الأحوط في حَقِّ مَن يغمى عليه أن يقضي الصلوات.

وسيأتي أيضًا في حَقِّ مَن تفوته صلوات عدّة: هل يقضيها كلها متصلة أم لا؟

ومالك والشافعي قد أسقطوا عنه القضاء، والذين أوجبوا عليه القضاء مطلقًا الحنابلة، والذين قيَّدوه بخمس صلوات هم الحنفية (٣).

* قوله: (وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنِ اشْتَرَطَ القَضَاءَ فِي عَدَدٍ مَعْلُومٍ، وَقَالُوا: يَقْضِي فِي الخَمْسِ فَمَا دُونَهَا. وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: تَرَدُّدُهُ بَيْنَ النَّائِمِ وَالمَجْنُون، فَمَنْ شَبَّهَهُ بِالنَّائِمِ أَوْجَبَ عَلَيْهِ القَضَاءَ، وَمَنْ شَبَّهَهُ بِالمَجْنُونِ أَسْقَطَ عَنْهُ الوُجُوبَ).

فَمَنْ شَبَّهَهُ بِالنَّائِمِ أَوْجَبَ عَلَيْهِ القَضَاءَ؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن نام عن صلاة


= حصين: إن سمرة بن جندب، يقول في المغمى عليه: "يقضي مع كل صلاة مثلها" فقال عمران: "ليس كما يقال يقضيهن جميعًا".
(١) أخرجه البيهقيّ في "السنن الكبرى" (١/ ٥٧١)، وأعلَّه بضعف أحد رواته.
(٢) ضعفه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (١/ ٣٧٤)، وابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" (٢/ ٢٩٤)، والزيلعي في "نصب الراية" (٢/ ١٧٧).
(٣) تقدَّم ذكر مذاهب الأئمة مفصلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>