للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذًا اختلف العلماء فيمَن أُغمِيَ عليه على أقوال ثلاثة:

١ - هناك مَن يرى وجوب القضاء مطلقًا، وهم الحنابلة، أي: يقضى كُلَّ ما فاته من الصلوات فيجب عليه أن يؤدّيه قضاءً.

٢ - وهناك مَن يرى أنَّ القضاء يسقط عنه مطلقًا، وهم المالكية والشافعية.

٣ - وهناك مَن توسَّط وقال: يقضي صلاة اليوم والليلة، وهم الحنفية.

ولا شكَّ أنَّ للخلاف سببًا في ذلك، فالذين يقولون: لا يقضي مطلقًا، ألحقوه بالمجنون؛ لأنَّ المجنون لا يعي، ولا يدرك، كذلك هذا.

والفرق بينه وبين النائم: أنَّ النائم لو أيقظته لاستيقظ معك مباشرة، أما المُغمى عليه فلا يدري، ولا يستيقظ إلَّا بعد أن يزول عنه الإغماء.

والذين أوجبوا عليه قضاء الصلوات إنَّما شبَّهُوه بالنائم.

أما الذين توسَّطُوا في ذلك فقالوا: إنْ أُغمِيَ عليه فترة قصيرة مقدار خمس صلوات وجب عليه القضاء؛ لأنَّ هذا أشبه بالنائم. وإن طال ذلك فلا قضاء عليه؛ لأنَّ القضاء حينئذٍ سيكون تكرارًا، لأنَّه في وقت إغمائه لا تجب عليه الصلاة.

والذين قالوا بالقضاء مطلقًا استدلُّوا بقصَّة عمَّار بن ياسر -رضي اللَّه عنه- كما ذكر، وجاء في الأثر أنَّه قد غُشِيَ عليه ثلاثة أيام، فلما استيقظ قيل له: "أصلَّيت؛ قال: لا، ثم دعا بوَضوء فصلَّى" (١).

وجاء أنَّه صلَّى مع كلِّ صلاة صلاةً مماثلة (٢)، ورُوِيَ أنَّه قد صلَّاها مرتَّبة، وهذا هو الصحيح.


(١) أخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (٢/ ٢٢٠)، وقال "وإنما قال الشافعي في حديث عمار: أنه ليس بثابت؛ لأن راويه يزيد مولى عمار وهو مجهول".
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٢/ ٧١) عن أبى مجلز، قال: قيل لعمران بن =

<<  <  ج: ص:  >  >>