للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المعلوم في تقرير الأحكام دائمًا أن يُربَط بعضها ببعض، فلأجل أن يُقَرَّر حكم من الأحكام أحيانًا يُبحَث عن شبيهٍ له، وقد وجدنا ما يشبهه بالنسبة لمَن جامع في نهار رمضان؛ فقد طُولب مع وجوب الكفارة عليه أن يقضي ذلك اليوم. إذًا كذلك هنا، فكلاهما متعمِّد.

* قوله: (وَأَمَّا المُغْمَى عَلَيْهِ، فَإِنَّ قَوْمًا أَسْقَطُوا عَنْهُ القَضَاءَ فِيمَا ذَهَبَ وَقْتُهُ (١)، وَقَوْمٌ أَوْجَبُوا عَلَيْهِ القَضَاءَ).

المغمى عليه أيضًا من أهل الأعذار، والمقصود بالمغمى عليه: هو الذي غُشِيَ عليه، فأصبح لا يعي ما يحيط به. ومع الإغماء قد يصيب الإنسان شيءٌ من الصرع فيطول به، وربما يصيبه علة مثلًا في مخه، وكما يحصل الآن كثيرًا من حوادث بعض السيارات وغيرها؛ فيغمى على الإنسان فترة طويلة. فهذا الإنسان في حالة إغمائه معذور، ولا يختلف العلماء في ذلك، ولم يقل أحد بأنَّ المغمى مكلَّفٌ في حال إغمائه؛ لأنَّ هذا تكليف بما لا يطاق، وهذا ما نفته الشريعة: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦].


(١) لمذهب الحنفية، يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٢/ ٨٦). حيث قال: "فلا قضاء على مجنون. . . ولا على مغمى عليه أو مريض عجز عن الإيماء ما فاته في تلك الحالة وزادت الفوائت على يوم وليلة".
ولا يقضي عند المالكية، ويُنظر: "الشرح الصغير" للدردير (١/ ٣٦٤). حيث قال: " (ويجب) على المكلف (قضاء): أي فعل واستدراك (ما فاته منها)، أي: الصلاة بخروج وقته لغير جنون أو إغماء. . ". ويُنظر: "الفواكه الدواني" للنفراوي (١/ ٢٣٥).
وهو مذهب الشافعيةكذلك، ويُنظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (١/ ٣١٤). حيث قال: " (ولا) قضاء. . (أو) ذي (جنون أو إغماء) إذا أفاق". ويُنظر: "المجموع" للنووي (٣/ ٦).
ويقضي عند الحنابلة، ويُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ٢٢٢). حيث قال: " (وتجب) الخمس (على من تغطى عقله بمرض، أو إغماء أو دواء مباح)؛ لأن ذلك لا يسقط الصوم، فكذا الصلاة، وكالنائم. . ولأن مدة الإغماء لا تطول غالبًا". ويُنظر: "المغني" لابن قدامة (٣/ ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>