للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا جاء المأموم والإمام راكع، فإن أمكنه أن يكثر تكبيرة الإحرام، ثم بعد ذلك يهوي إلى الركوع، قبل أن يرفع الإمام، فبذلك يكون مدركًا للركعة، ونحن نرى أنَّ الركعة أيضًا تُدرك بإدراك الركوع.

وهذه مسألة فيها خلاف، ولم يعرض لها المؤلف، ربما لأنَّه سبق أن تحدث عنها، لكن سبق وأن أشرتُ إليها، وهي مسألة بِمَ يُدرَك الركوع؟ أي: إذا جئت وأدركت الإمام راكعًا، هل تكون مدركًا للركعة؟ نحن نقول: نعم، وقد جاء فيه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة" (١)، فهذه الركعة، تطلق على بعض أجزائها، وهذه قد عرض لها المؤلف في هذه المسألة.

وقد اتفق العلماء أو الجمهور (٢) على أنَّ الركعة تُدرَك بإدراك الركوع، ويسدلّون بحديث أبي بكر -رضي اللَّه عنه-: عندما جاء والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- راكِعٌ بأصحابه، فخشِيَ أن تفوته الركعة، فجاء مسرعًا، فركع خارج الصف، ثم دبَّ ماشيًا، فدخلَ في الصفِّ، فلمَّا فرغَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من صلاته قال: "مَنْ السَّاعِي؟ " قَالَ أبو بكرة: أَنَا يا رسول اللَّه، قَالَ: "زَادكَ اللَّهُ حرصًا ولا تَعُد" (٣).

وقوله: "لا تعد" القصد ألَّا تركع خارج الصف، ثم تدخل.

وقد سبق الكلام أيضًا عن مَن صلَّى منفردًا خارج الصف، وبيَّنَّا أنَّ الصحيحَ أنَّ صلاتَهُ لا تصحُّ إلَّا إذا لم يجد وسيلة إلَّا ذلك، ورأينا الفرقَ بين مَن يركع خارج الصف، ثم يدخل في الصف قبل أن يرفع الإمام؛ هذه المسألة سبق الكلام فيها تفصيلًا.

المقصود: أنَّ حديث (أبي بكرة) دليلٌ للذين يقولون بأنَّ الركعة تُدرَك


(١) أخرجه البخاري (٥٨٠)، ومسلم (٦٠٧).
(٢) يُنظر: "الإقناع" لابن القطان (١/ ١٥٢). "وأجمعوا أن إدراك الركعة بإدراك الركوع مع الإمام".
(٣) أخرجه البخاري (٧٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>