للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد عُرِف هذا عن عمر بن عبد العزيز، وكذلك عن بعض السلف؛ فعن حماد بن أبي سليمان (شيخ أبي حنيفة)، لكن العلماء تأوَّلوا ذلك، وقالوا: إن قصدهما من ذلك إنَّما هو التفضيل وليس الإيجاب؛ بدليل أنَّ عمرَ بن عبد العزيز نُقل عنه أنَّه ما كان يتم التكبير؛ يعني: يقتصر على تكبيرة واحدة، ويقولون أيضًا: أنَّه نُقل عن زيد بن ثابت، وعن عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما- أنَّهما اقتصرا على تكبيرة واحدة، ولم يُنقَل ما يخالف فعلهما فاعتبر بعض العلماء ذلك إجماعًا؛ أي: نُقل أنَّ زيدًا بن ثابت، وعبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما- كبرا في مثل هذه الحالَةِ تكبيرة واحدة، ولا يخالف - أو لم يُنقل خلاف لأحد من الصحابة، أي ما يُخالف قولهما أو فعلهما، قالوا: فدلَّ ذلك على أنَّه محلّ وفاق (١).

* قوله: (وَإِنْ كَانَتْ تَجْزِيهِ فَهَلْ مِنْ شَرْطِهَا أَنْ يَنْوِيَ بِهَا تَكْبِيرَةَ الإِحْرَامِ أَمْ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ شَرْطِهَا؟).

لقد فصَّلنا القول في هذا، وكذلك أكثر مما في الكتاب، وترتيبه مع بعضه لأهميته.

* قوله: (فَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ تَكْبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُهُ إِذَا نَوَى بِهَا تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ (٢) وَالشَّافِعِيِّ) (٣).


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٣٦٣). حيث قال: "وعن عمر بن عبد العزيز: عليه تكبيرتان. وهو قول حماد بن أبي سليمان، والظاهر أنهما أرادا أن الأولى له أن يكبر تكبيرتين، فلا يكون قولهما مخالفًا لقول الجماعة، فإن عمر بن عبد العزيز قد نقل عنه أنه كان ممن لا يتم التكبير، ولأنه قد نقلت تكبيرة واحدة عن زيد بن ثابت وابن عمر، ولم يعرف لهما في الصحابة مخالف. فيكون ذلك إجماعًا".
(٢) يُنظر: "الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي" (١/ ٣٤٨). حيث قال: " (وإن كبر) من وجد الإمام راكعًا الركوع)، أي: فيه أو عنده فلا ينافي قوله: (ونوى بها العقد)، أي: الإحرام فقط (أو نواهما)، أي: الإحرام والركوع بهذا التكبير (أو لم ينوهما)، أي: لم ينوِ به واحدًا منهما (أجزأه) التكبير بمعنى الإحرام، أي: صحَّ إحرامه في الصور الثلاث".
(٣) يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (١/ ٥١٤). حيث قال: " (ويكبر) المسبوق الذي أدرك =

<<  <  ج: ص:  >  >>