للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَقِيلَ: إِنَّمَا يَبْنِي عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُجَوِّزُ تَأْخِيرَ نِيَّةِ الصَّلَاةِ عَنْ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَى أَنْ يَنْوِيَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ إِلَّا مُقَارَنَةَ النِّيَّةِ لِلدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ لَهَا وَصْفَانِ: النِّيَّةُ الْمُقَارِنَةُ، وَالْأَوَّليَّةُ: (أَعْنِي وُقُوعَهَا فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ)، فَمَنِ اشْتَرَطَ الْوَصْفَيْنِ قَالَ: لَا بُدَّ مِنَ النِّيَّةِ الْمُقَارِنَةِ، وَمَنِ اكتَفَى بِالصِّفَةِ الْوَاحِدَةِ اكتَفَى بِتَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَمْ تُقَارِنْهَا النِّيَّةُ).

هذا كلُّه قولٌ ضعيف، يعني: أن يأتي بتكبيرة الركوع، ويترك التكبيرة المقصودة؛ فلو كبَّر وسكت، فبعض العلماء خرجوه، وقالوا: هذا جائز؛ لأنَّه ما دام كبر وسكت ينصرف بقرينة الحال إلى تكبيرة الافتتاح؛ لأنَّها هي التي يُفتتح بها الصلاة، ويقوى ذلك بأنَّه جاء ليصلي، فهو ناوٍ للصَّلاةِ.

فهذا كلُّه مرتبط بالنية، والنية لها أثر عظيم في العبادات، وقد سبق أن بحثناها، وأنعمنا النظر في حديث: "إنَّما الأعمال بالنيات، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى" (١)، وأنَّ النية إنَّما شُرعت لتمييز العبادات عن العادات، فقد تجد فعلًا واحدًا تشترك فيه عبادة وعادة؛ فالإنسان قد يصلِّي الصلاة؛ فهذه الصلاة قد تكون فرضًا، وقد تكون نفلًا، وربما يصلي هكذا عادة.

وقد يصوم على أنَّه مشروع، وربما يصوم إمساكًا عن الطعام.

أو أنَّه يدفع المال لآخر؛ وقد يدفعه على أنَّه زكاة ماله، وربما أراد التصدق به، أو أنَّه قرض، وربما -نعوذ باللَّه- يقصد بذلك أن يدفعه رشوة، هذا كلُّه محتملٌ.

فالذي يميِّز ذلك النية؛ فهي التي تفرق بين العادة والعبادة، وبين العبادات بعضها من بعض؛ فالصلاة منها ما هو فرض، وغير فرض؛


= أنه سئل عن رجل افتتح الصلاة بالنية ورفع يديه فقال: يجزيه. . ولا أعلم أحدًا قال به غيره".
(١) أخرجه البخاري (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>