للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (فَنَقُولُ: إِنَّ سَبَبَ الِاخْتِلَافِ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ هُوَ: هَلْ مِنْ شَرْطِ فِعْلِ المَأْمُومِ أَنْ يُقَارِنَ فِعْلَ الإِمَامِ، أَوْ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ ذَلِكَ؟).

أولًا: هذه مسألة فيها تفصيل وقد سبق أن تكلمنا عنها في أحكام الإمامة، والعلماء شِبه متفقين على أنَّ المأموم لا يصح له أن يتقدم على الإمام، فليس له أن يسبقه بالنية ولا في الدخول في الصلاة، ولكنهم يختلفون إذا شاركه، فبعضهم لا يُجيز ذلك، وبعضهم يجيز ذلك إذا وافق المأموم الإمام في الشروع شريطة أن ينتهيَ بعده.

والصحيح والصواب في ذلك أنه ينبغي أن تكون أقوال وأفعال المأموم عَقِبَ أفعال الإمام، إلا فيما استُثْنِيَ كقول آمين، فإنَّ المأموم يقول آمين مع الإمام لقوله -عليه الصلاة والسلام-: "إذا أمَّنَ الإمامُ فأمِّنوا، فإنه من وافقَ تأمينُه تأمينَ الإمام غُفِرَ له" (١).

وجاءت أحاديث أُخرى تبين أنَّ الرسول -عليه الصلاة والسلام-: كان إذا قال: {وَلَا الضَّالِّينَ} قال: "آمين" ورفع بها صوته (٢)، وكان أيضًا الصحابة -رضي اللَّه عنهم- يؤمِّنون معه.

فالتأمين مع الإمام فيه التقاء، أما غالب مسائل الأقوال والأفعال فينبغي أن تكون صادرة عن المأموم عقب الإمام (٣).


(١) أخرجه البخاري (٧٨٠)، ومسلم (٤١٠) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.
(٢) أخرجه أبو داود (٩٣٢)، والترمذي (٢٤٨) من حديث وائل بن حجر -رضي اللَّه عنه-، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (٨٦٣).
(٣) قال بهذا المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير (١/ ٣٤١)، حيث قال: "فإن السبق والمساواة لا يبطل (لكن سبقه) للإمام عمدًا (ممنوع) أي حرام (وإلا) يسبقه في غيرهما بل ساواه (كره) فالمندوب أن يفعل بعده ويدركه فيه. . ".
والشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (١/ ٣٦٠)، حيث قال: " (ويؤمن مع تأمين إمامه) لا قبله ولا بعده. . . وليس لنا ما تستحب فيه مقارنة الإمام سوى هذه".
والحنابلة، يُنظر: "دقائق أولي النهى" للبهوتي (١/ ٢٦٥)، حيث قال: " (والأولى) لمأموم (أن يشرع في أفعالها)، أي: الصلاة (بعده)، أي: الإمام".

<<  <  ج: ص:  >  >>