للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فأتموا"؛ ولأنَّ الذي رووا روايات "فأتموا" أحفظ من غيرهم مع صحة الروايات الأخرى.

وتأولوا رواية "فاقضوا" بأن المراد بالقضاء هو الفعل، وليس المراد أنك تقضي ما فاتك فيكون هو أول صلاتك.

وقالوا: مصطلح (القضاء) هذا مصطلحٌ فقهيٌّ متأخر، والمعروف في لغة العرب أنَّ القضاء يُطلق على عدَّة معانٍ، ومن تلكم المعاني الفعل (١)؛ ولذلك قال اللَّه تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة: ٢٠٠]، أي: أديتم مناسككم، ويقول -سبحانه وتعالى- بشأن الجمعة: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: ١٠].

إذًا يُطلَقُ القضاء ويُراد به الفعل، وبذلك تجتمع الأمور.

قالوا: ومما يؤيد ذلك أنَّ الداخل وراء الإمام متأخرًا يشرع بتكبيرة الافتتاح، وتكبيرة الافتتاح إنما هي علامة وبداية على أول الصلاة، فيكون قد دخل أيضًا في أولها.

ولا شك أن هذا المذهب في نظري هو الأقرب إلى الأدلة وهو أرجحها، والإنسان إذا أدرك مع الإمام شيئًا؛ فيعتبر أول صلاته، والذي يأتي به بعد ذلك يكون آخرها، هذا هو الأقرب إلى الأدلة فيما يظهر لنا -واللَّه أعلم-.

* قوله: (فَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ المَغْرِبِ عَلَى المَذْهَبِ الأَوَّلِ: (أَعْنِي مَذْهَبَ القَضَاءِ)، قَامَ إِذَا سَلَّمَ الإِمَامُ إِلَى رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِأُمِّ القُرْآنِ، وَسُورَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْلِسَ بَيْنَهُمَا).

هذا الكلام الذي يقوله المؤلف هو أقوال في بعض المذاهب وليس


(١) يُنظر: "تاج العروس" للزبيدي (٣٩/ ٣١٢ - ٣١٣)، حيث قال: "قال صاحب المصباح: القضاء بمعنى الأداء لغة؛ ومنه قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ}، {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ}؛ واستعمل العلماء القضاء في العبادة التي تفعل خارج وقتها المحدود شرعًا، والأداء إذا فعلت في الوقت المحدود، وهو مخالف للوضع اللغوي، ولكنه اصطلاحي للتمييز بين الوقتين".

<<  <  ج: ص:  >  >>