للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الثَّانِي، فَإِنْ كَانَ الأَمْرُ كَذَلِكَ، كَانَ مِنْ بَابِ المُجْمَلِ الَّذِي لَا يَقْتَضِي حُكْمًا، وَكَانَ الآخَرُ بِالعُمُومِ أَوْلَى).

يَقصُد بدليل الخطاب هو: ما يُعرَف عند الأصوليين بمفهوم المخالفة (١)، فحديث: "في الغنم السائمة الزكاة" (٢) (٣) مفهومه: أن غير السائمة لا زكاة فيها.

حديث: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" (٤)، مفهومه المخالف: أنَّ من أدرك أقل من ذلك لا يكون مدركًا للصلاة، ومنطوقه: أنَّ الصلاة تُدرك بإدراك ركعة، ويقصد بها إدراك الجماعة والجمعة (٥).

ولذلك جاء التأويل: "فقد أدرك الصلاة" أي: حكم الصلاة، أو فضل الصلاة كصلاة الجماعة، أو وقت الصلاة، كمن يرى من -أهل الأعذار- الذين يصلون قبل غروب الشمس أو قبل طلوع الفجر، أو حتى غير أهل الأعذار.

فلو أن إنسانا قصَّر فأخر صلاة العصر إلى ما قبل غروب الشمس؛ هو يكون مدركًا للوقت، لكنه آثم بذلك؛ لأنه جاء فصلى في وقت نهي عنه أن يؤخر الصلاة إليه، لكنه يختلف عمن يؤخر صلاة العصر إلى ما بعد المغرب، أو يؤخر صلاة الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، الحال مختلفة.


(١) يُنظر: "الإحكام في أصول الأحكام" للآمدي (٣/ ٦٩)، حيث قال: "وأما مفهوم المخالفة فهو ما يكون مدلول اللفظ في محل السكوت مخالفًا لمدلوله في محل النطق، ويُسمَّى دليل الخطاب أيضًا".
(٢) أخرجه البخاري (١٤٥٤) من حديث أنس -رضي اللَّه عنه- بلفظ: "وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة".
(٣) "السَّوام والسائمة: كلُّ إبلٍ تُرسَل ترعَى وَلَا تُعلَف فِي الأَصْل". يُنظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (١٣/ ٧٦).
(٤) سبق تخريجه.
(٥) يُنظر: "الإحكام في أصول الأحكام" للآمدي (٣/ ٦٦)، حيث قال: "المنطوق ما فهم من دلالة اللفظ قطعًا في محل النطق".

<<  <  ج: ص:  >  >>