للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث عبد اللَّه بن بحينة المتفق عليه (١)، فإنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قام من اثنتين ولم يجلس، أي: قام من التشهد الأول، وقام الناس أيضًا وراءه، ولذلك ينبغي أن يُتبَع الإمام إلا فيما يتعلق بالزيادة في الصلاة، كما لو قام إلى خامسة وتيقن المأموم ذلك؛ فليس له أن يتبعه في هذه الحالة.

والرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا شَكَّ أحدُكم في صلاتِهِ فلم يَدرِ أصلى ثلاثًا أمْ أربعًا؛ فليطرح الشِّك وليبن على ما استيقن، ثم ليسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلاها خمسًا شفعن له صلاته، وإن كان صلى تماما لأربع كان ترغيمًا للشيطان (٢)).

فهذان الحديثان فيهما أنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- سجد للسهو قبل السلام، فاعتبر الشافعية أنَّ ذلك هو القدر الذي ينبغي الوقوف عنده ولا يتجاوزه، ثم عللوا ذلك بتعليل عقلي، فقالوا: ولأن أي خطأ أو سهوٍ يحصل في الصلاة إنما هو من شأنها، والذي يكون من شأن الصلاة ينبغي أن يكون داخل الصلاة لا خارجها، وداخل الصلاة إنما يكون قبل التسليم لا بعده، كما هو الحال في الجبرانات التي تحصل للحج فيما لو ارتكب الإنسان محظورًا (٣).

القول الثاني: وهو قول الحنفية يقولون: بأنَّ سجود السهود دائمًا يكون بعد السلام، لأنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- سلّم من اثنتين ثم سأله ذو اليدين فقال له: يا رسول اللَّه أنسيتَ أم قصرتْ؟ فقال: "لم أنسَ ولم تقصرْ"، ثم إنه سأل أصحابه وكان منهم أبو بكر وعمر فأقروا ذا اليدين على ذلك فعاد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فصلى الركعتين اللتين سلَّم قبل تمامهما، ثم بعد ذلك جلس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- للتشهد ثم سجد سجدتي السهو، ثم بعد ذلك سلَّم، وفي بعض الروايات: أنه جلس للتشهد مرة أُخرى. متفق عليه (٤).


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) تقدَّم بيانه.
(٤) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>