للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عائشةَ زوج النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ أنها قالت: "فُرِضَتِ الصلاةُ ركعتينِ ركعتين في الحضرِ والسفرِ. فأُقِرَّتْ صلاةُ السفرِ، وزِيدَ في صلاةِ الحضرِ" (١).

والصحابة لا يستغربون أن يحصل تغيير في حكم من الأحكام؛ لأنهم يعيشون مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والقرءان ينزل والأحكام إنما تُبلغ إليهم من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وهذه القضايا التي تحصل على عهد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فيها فائدة للمسلمين، فكم من الوقائع التي وقعت نجد أن فيها فوائد عظيمة، ففي قصة الذي وقصته دابته في الحج فوقع فمات (٢)، العلماء استفادوا من ذلك كثيرًا من الأحكام منها: عدم تخمير رأس الميت؛ لأنه يبعث يوم القيامة ملبيًّا، وذكر حول ذلك عدة أحكام، وربما تشيع الفاحشة في المجتمع لكي تكون فيها دروس وعبر كما في قصة القذف (٣)، فهناك قذف وقع وهو بهتان وزور وكذب، واللَّه -سبحانه وتعالى- طَهّرَ من قُذِفَ وبيّنَ كذب الذين رموه بالقذف وأصبح ذلك في كتاب اللَّه.

لكنها أحكام أصبحت آيات تقرأ في كتاب اللَّه -عز وجل-، وأحكام شُرعت لنا، وقد حذرنا اللَّه -سبحانه وتعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [النور: ١١].

وفيما حصل خير للذين رُموا لأنهم كسبوا أجرًا عظيمًا، لكن اللَّه بعد ذلك قال: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: ١٥].


(١) أخرجه البخاري (٣٥٠)، ومسلم (٦٨٥).
(٢) أخرج الحديث الذي فيه هذه القضة البخاري (١٢٦٥)، ومسلم (١٢٠٦) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- بلفظ: "بينما رجل واقف بعرفة، إذ وقع عن راحلته، فوقصته -أو قال: فأوقصته- قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تحنطوه، ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا".
(٣) أخرج الحديث الذي فيه هذه القصة البخاري (٢٦٦١)، ومسلم (٢٧٧٠) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- وهو حديث طويل.

<<  <  ج: ص:  >  >>