للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلنحذر كل الحذر أن نخوض في أعراض المسلمين ونتكلم فيهم، وبخاصة إذا كان كلامنا لا يُبنى على حق، وأبواب النصحية مفتوحة، وواجب المسلم نحو أخيه المسلم أن يَصدُقَه النصيحة، وأن يدله على طريق الخير، وأن يسأل اللَّه -سبحانه وتعالى- له الهداية والتوفيق، وليس من حق أحد أن يحكم على أحد بأنه لا يهتدي، واللَّه -سبحانه وتعالى- قال في الحديث القدسي "من ذا الذي يتأله علي؟ "، وفي قصة الرجل الذي قال: "واللَّه لا يغفر لفلان" فغفر اللَّه لذلك الرجل وسخط على هذا (١).

ليس لأحد أن يتأله في أحكامه على أحكام اللَّه -سبحانه وتعالى-.

قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (٣٦)} [الأحزاب: ٣٦]، وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١)} [النور: ٥١] وقال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} [النساء: ٦٥].

فلننتبه لمثل هذه الأمور، ولندرك غاية الإدراك حقوق المسلمين بعضهم على بعض، فإنَّ للمسلم على أخيه المسلم عدة حقوق، لكن لو كان هذا الإنسان فاسقًا أو رجلًا يُسيء للدين فلا يمنع أن تُبين عيب هذا الإنسان وأن تكشف شره، لكن الإنسان إذا رتكب خطأ مستورًا فعليك أن تناصحه وأن تدله على طريق الخير اقتداء برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فإنه كان يقول: "ما بال أقوام" والسلف -رضي اللَّه عنهم- ربما تقع الواحد منهم عينه على خطأ فينصرفوا عنه، أو يرشدون ويدلون ويحاولون هداية الناس إلى طريق الخير.


(١) أخرجه مسلم (٢٦٢١) من حديث جندب بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه- ولفظه: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حدث أن رجلًا قال: "واللَّه لا يغفر اللَّه لفلان، وإن اللَّه تعالى قال: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان، وأحبطت عملك"، أو كما قال.

<<  <  ج: ص:  >  >>