ولو قلنا: إن باب القياس والإلحاق مردود وممنوع لما استطعنا بذلك أن نورد حلًا لهذه الأمور، مع أن هذه شريعة خالدة جاءت لتبقى صالحة لكل زمان ومكان، وليُحكَم بها إلى أن يرث اللَّه الأرض ومن عليها، حتى إن نزل عيسى ابن مريم عليه السلام فإنه سيحكم بهذه الشريعة.
فالشريعة فيها حل لكل مشكلة، وجوابٌ عن كل معضلة، فمهما تعددت المسائل وتنوعت الوقائع والحوادث فإن شريعة الإسلام تستوعب ذلك كله، وإن وجد تقصير أو نقص فليس من شريعة اللَّه إنما من الذين ينتسبون إلى الشريعة، فينبغي أن نُبينها حق البيان، وأن نُعرِّف الناس بها، وواجبنا عظيم في هذا المقام.
المؤلف يريد أن يقول: هذه هي آراء العلماء وهذه هي أدلتهم قد بيناها جملة، ونحن قد فصّلناها وأضفنا إليها أدلة أُخرى.
ولكل واحد منهم أدلة قياسية وهي ما يعرف بالأدلة العقلية يكوِّن فيها مذهبه ويسنده ويعضده، لكن لا شك أن الحق في ذلك إنما العمل بسُنّة - رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فما ورد فيه نص نقف عنده ولا ينبغي أن نتجاوزه.
مُراد المؤلف: وإن كنا نُعرِّج في كثير من الأحيان وفي غالبها على الأدلة العقلية، إلا أن غايتنا في الأصل في الكتاب إنما هو العناية بالأدلة النقلية؛ لأنه رَسَم منهجًا يسير عليه في كتابه ألا وهو: دراسة المسائل التي