للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نخالف النص فنعمل بالقياس، لكن ما لم ينص عليه نحن نلحقه بما فيه ورد فيه نص، والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- نفسه قد قاس وهو قدوة هذه الأمة، فعندما جاءه رجل وأخبره أن زوجته ولدت غلامًا يُخالف لونه لون أمه وأبيه، كما في الحديث (أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- جاءهُ أعرابيٌّ فقال: يا رسولَ اللَّهِ، إنَّ امرأتي ولدتْ غلامًا أسود، فقال: "هل لك من إبلٍ؟ ". قال: نعم، قال: "ما ألوانها؟ ". قال: حمرٌ، قال: "هل فيها من أورقٍ؟ ". قال: نعم، قال: "فأنى كان ذلك؟ ". قال: أراه عِرقٌ نزعَه، قال: "فلعل ابنَك هذا نزعهُ عِرقٌ" (١).

فهذا هو القياس، واللَّه تعالى يقول في كتابه: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: ٢].

والاعتبار إنما هو المقايسة، ولا نريد أن ندخل في تفاصيل القياس فالأدلة كلها تثبت القياس، وعمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- نزل القرءان مؤيدًا لرأيه عندما كتب كتابه العظيم في القضاء إلى أبي موسى الأشعري قال له: اعرف الأمور والأشباه وقِس الأمور برأيك (٢).

ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عندما أرسل معاذًا إلى اليمن قال له: "إن عرضَ لك قضاءٌ فبِمَ تحكمُ؟ " قال: أحكمُ بكتابِ اللَّهِ، قال: "فإن لم تجدْ"، قال: فسنةِ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "فإن لم تجدْ"، قال: أجتهدُ رأيي ولا آلو، فضربه -صلى اللَّه عليه وسلم- في صدرِه وقال: "الحمدُ للَّهِ الذي وفَّق رسولَ رسولِ اللَّهِ لما يرضِي رسولَ اللَّهِ" (٣).

ونحن في هذا الزمان كم من المسائل جدت، وكم من الوقائع وقعت، وكم من الأحداث حصلت، فنحن بحاجة إلى أن نلحقها بغيرها،


(١) أخرجه البخاري (٦٨٤٧)، ومسلم (١٥٠٠) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.
(٢) أخرجه الدارقطني في "سننه" (٥/ ٣٦٩)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ١٩٧)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٦١٩).
(٣) أخرجه أبو داود (٣٥٩٢)، وضعفه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (٨٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>