للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتراض؛ لأن الذي خارج الصلاة يجب أن تقتصر فيه على النص، أما الذي داخل الصلاة فهو خلل فيها، فينبغي أن يُعالج داخل الصلاة لا خارجها، إلا إذا ورد نص في ذلك فنقف عنده ونقول: (سمعنا وأطعنا).

والإمام أحمد قد عمل بالنص فيما بعد السلام، وعمل بالنص في السجود قبل السلام فيما ورد فيه، لكنه أيضًا استخدم القياس في الأمور التي لم يرد فيها نص، فألحق المسكوت عنه بالمنطوق لوجود علة تجمع بينهما، يعني: عَدَّا الحكم على غيره.

* قوله: (وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَفْهَمْ مِنْ هَذِهِ الأَفْعَالِ حُكْمًا خَارِجًا عَنْهَا، وَقَصَرَ حُكْمَهَا عَلَى أَنْفُسِهَا، وَهُمْ أَهْلُ الظَّاهِرِ، فَاقْتَصَرُوا بِالسُّجُودِ عَلَى هَذِهِ المَوَاضِع فَقَطْ).

أهل الظاهر لا يعملون بالقياس، ولذلك عطلوا كثيرًا من الأحكام وقالوا: لم يرد فيها نص، ويرون أن القياس إنما خروج عن الشرع ومخالفة للنصوص.

لكن حين نتأمل سنجد هناك أمورًا لم ينص عليها هي أولى بالحكم مما نص عليه، فاللَّه تعالى يقول: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (٢٣)} [الإسراء: ٢٣].

فنُهِيَّ عن التأفيف بالنسبة للوالدين وعن النهر، لكن هناك أمور أكبر من ذلك كالضرب والسب والشتم. إذًا في هذا نقف عند النصوص أم نقيس، والأمثلة في ذلك كثيرة جدًّا!

ويستدلون بقول علي: "لو كان الدين بالرأي لكان المسح بالخف أولى من المسح من أعلاه (١).

نعم قصد علي -رضي اللَّه عنه- أنَّ الأمور التي ورد فيها النص لا ينبغي أن


(١) أخرجه أبو داود (١٦٢)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>