للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمد أنه يسجد بعد السلام فيما سجد فيه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وما عدا ذلك يسجد فيه قبل السلام، سواء ورد فيه نص أو لم يرد (١) لأن ذلك من شأن الصلاة فينبغي أن يكون قبل التسليم والخروج منها.

* قوله: (وَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الجَمْعِ وَالتَّرْجِيحِ، فَقَالَ: يَسْجُدُ فِي المَوَاضِعِ الَّتِي سَجَدَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى النَّحْوِ الَّذِي سَجَدَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ حُكْمُ تِلْكَ المَوَاضِعِ، وَأَمَّا المَوَاضِعُ الَّتِي لَمْ يَسْجُدْ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَالحُكْمُ فِيهَا: السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ، فَكَأَنَّهُ قَاسَ عَلَى المَوَاضِعِ الَّتِي سَجَدَ فِيهَا -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- قَبْلَ السَّلَامِ، وَلَمْ يَقِسْ عَلَى المَوَاضِعِ الَّتِي سَجَدَ فِيهَا بَعْدَ السَّلَامِ، وَأَبْقَى سُجُودَ المَوَاضِعِ الَّتِي سَجَدَ فِيهَا عَلَى مَا سَجَدَ فِيهَا، فَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ أَبْقَى حُكْمَ هَذِهِ المَوَاضِعِ عَلَى مَا وَرَدَتْ عَلَيْهِ، وَجَعَلَهَا مُتَغَايِرَةَ الأَحْكَامِ هُوَ ضَرْبٌ مِنَ الجَمْعِ، وَرَفْعٌ لِلتَّعَارُضِ بَيْنَ مَفْهُومِهَا، وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ عَدَّى مَفْهُومَ بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ، وَأَلْحَقَ بِهِ المَسْكُوتَ عَنْهُ، فَذَلِكَ ضَرْبٌ مِنَ التَّرْجِيحِ - أَعْنِي: أَنَّهُ قَاسَ عَلَى السُّجُودِ الَّذِي قَبْلَ السَّلَامِ، وَلَمْ يَقِسْ عَلَى الَّذِي بَعْدَهُ).

هذا هو مذهب الإمام مالك، قال: نعمل بكل الأحاديث التي جاءت قبل السلام وبعده، لكن في الحالة التي لم يرد فيها نصٌّ نرجح ما قبل السلام لأنه الأصل؛ لأن الصلاة تنتهي بالخروج منها بالتسليم، فينبغي أنْ يكون يكون السجود قبل السلام لا بعده فما لم يرد فيه نص (٢).

وهذا القياس مقبول وسليم؛ لأنك إذا أردت أن تقيس فينبغي أن تقيس على ما هو داخل الصلاة، أما ما هو خارج الصلاة فقد يَرِدُ عليه


(١) تقدَّم بيانه.
(٢) سبق بيانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>