للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبو عمر هو: ابن عبد البر الإمام الأندلسي الجميل، صاحب كتاب الاستذكار، وكتاب التمهيد، وهما كتابان جليلان، شرح فيهما كتاب الموطأ للإمام مالك، وهو من علماء الحديث والفقه، وله إسهامات عظيمة في خدمة هذا الدين، وله كتب قيمة ومفيدة.

* قوله: (وَاحْتَجُّوا أَيْضًا لِذَلِكَ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الثَّابتِ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّى خَمْسًا سَاهِيًا، وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ بَعْدَ السَّلَامِ (١) ").

هذه مسألة اختلف فيها العلماء، ولذلك نُقِل تردُّد القول فيها عن الإمام أحمد: أنه إذا قام الإمام إلى الخامسة هل يسجد قبل السلام أو بعده؟

لأنه جاء أنه سجد بعد السلام، وجاء أيضًا خلاف ذلك أو السكوت عن ذلك (٢).

* قوله: (وَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الجَمْعِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ هَذِهِ الأَحَادِيثَ لَا تَتَنَاقَضُ).

وهذا هو القول الرشيد والصحيح، فينبغي أن نعمل بجميع الأدلة.

* قوله: (وَذَلِكَ أَنَّ السُّجُودَ فِيهَا بَعْدَ السَّلَامِ إِنَّمَا هُوَ فِي الزِّيَادَةِ، وَالسُّجُودَ قَبْلَ السَّلَامِ فِي النُّقْصَانِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ السُّجُودِ فِي سَائِرِ المَوَاضِعِ كَمَا هُوَ فِي هَذَا المَوْضِعِ، قَالُوا: وَهُوَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِ الأَحَادِيثِ عَلَى التَّعَارُضِ).

هذه الرواية في مذهب أحمد، لكنَّ الرواية المشهورة عن الإمام


(١) أخرجه البخاري (١٢٢٦) واللفظ له، ومسلم (٥٧٢)، ولفظه: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى الظهر خمسًا، فقيل له: أزيد في الصلاة؟ فقال: "وما ذاك؟ " قال: صليت خمسًا، فسجد سجدتين بعدما سلم".
(٢) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٢/ ١٨) حيث قال: "واختلف في من سها فصلى خمسًا، هل يسجد قبل السلام أو بعده؟ على روايتين".

<<  <  ج: ص:  >  >>