للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه ميزة عظيمة وكرم من اللَّه سبحانه وتعالى أن وفّق المتقدمين من علماء هذه الأمة إلى أن دونوا سُنّة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فحُفِظَت في هذه الكتب ونقلت إلينا، ويسر اللَّه سبحانه وتعالى من أهل العلم والفضل من عُني بذلك غاية العناية.

الذي دفعنا إلى الحديث عن السنة وتدوينها هو أنه مرَّ بنا ذكر محمد بن شهاب الزهري وهو ممن ينبغي أن نوفيه قدره، ولو أردنا أن نتكلم عن حياته لطال، لكن هذه إلمامة بسيطة فقط، نُشير فيها إلي مكانة هذا الرجل.

* قوله: (وَأَمَّا مَنْ رَجَّحَ حَدِيثَ ذِي اليَدَيْنِ فَقَالَ: السُّجُودُ بَعْدَ السَّلَامِ، وَاحْتَجُّوا لِتَرْجِيحِ هَذَا الحَدِيثِ بِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ بُحَيْنَةَ قَدْ عَارَضَ حَدِيثَ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ "أَنَّهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- قَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ وَلَمْ يَجْلِسْ، ثُمَّ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ").

حديث ضعيف، ولكن هناك أحاديث صحيحة في السجود بعد السلام كحديث ذي اليدين وحديث ابن المسعود في التحري وهو متفق عليه، وبعد التسليم جاءت أحاديث في صحيح البخاري، لكن هذا لا يمنع أن يكون هناك سجود قبل السلام وسجود بعده كما بيّنا.

* قوله: (قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَيْسَ مِثْلَهُ فِي النَّقْلِ فَيُعَارَضُ بِهِ (١)).

يريد أنَّ حديث المغيرة بن شعبة ليس مثل حديث ابن بحينة المتفق عليه في النقل، فلا تأتي بحديث فيه مقال فتوازن بينه وبين حديث متفق عليه في البخاري ومسلم وغيرهما، فلا يمكن أن تأتي بحديث بلغ الغاية في الصحة فتحاول أن تعارضه بحديث ضعيف، هناك فرق كبير، والموازنة هنا غير صحيحة وغير تامة.


(١) يُنظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١٠/ ٢٠٥)، حيث قال: "هذا يدلك على أن حديث ابن بحينة أصح عند أحمد بن حنبل وهو إمام أهل الحديث من حديث المغيرة بن شعبة".

<<  <  ج: ص:  >  >>