للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلقد خُلقنا في هذه الحياة لنعبد اللَّه سبحانه وتعالى، ولننشر الفضيلة والعدل في الأرض، ولنعمرها بالعدل والسعادة وإقامة القسط بين الناس؛ لأن المقسطين على منابر من نور يوم القيامة (١).

فلماذا لا نتقرب إلى اللَّه سبحانه وتعالى بهذه السنن التي منحنا اللَّه سبحانه وتعالى إياها، وأعطانا الفرصة لنجمع مزيدًا من الثواب، لنحصل على كثير من العطاء حتى ما إذا لقينا اللَّه سبحانه وتعالى في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} [آل عمران: ٣٠]، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)} [الزلزلة: ٧، ٨]. يجدُ الإنسان هذه الأعمال الطيبة، هذه السنن التي أحيا ليله وقضى نهاره في عبادة اللَّه سبحانه وتعالى.

فإذا قمت في جوف الليل فأوترت، وإذا حافظت على السنن الرواتب، وإذا ما أديت ما شرع عليك، وإذا صليت من النوافل ما يمكنك أن تؤديها، وإذا تطوعت للَّه سبحانه وتعالى في العبادات الأخرى كالصيام والحج والعمرة، وكذلك إذا تصدقت على المساكين والفقراء وأنفقت في أوجه البر، فدلَلْتَ محتاجًا، ونصحت ضالًّا فهداه اللَّه بك، هذه كلها من الأمور التي ينفعك اللَّه سبحانه وتعالى، وترتفع بها درجاتك يوم القيامة عندما توزن الأعمال: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (٤٧)} [الأنبياء: ٤٧].

* قوله: (وَاتَّفَقُوا مِنْ هَذَا البَابِ عَلَى سُجُودِ السَّهْوِ لِتَرْكِ الجلْسَةِ الوُسْطَى، وَاخْتَلَفُوا فِيهَا هَلْ هِيَ فَرْضٌ أَوْ سُنَّةٌ) (٢).


(١) معنى حديث أخرجه مسلم (١٨٢٧/ ١٨) عن عبد اللَّه بن عمرو، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن المقسطين عند اللَّه على منابر من نور، عن يمين الرحمن عزَّ وجلَّ، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا".
(٢) سبق ذكر هذا الخلاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>