للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلمنا عليك فلم ترد علينا، فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ فِي الصَّلَاة لَشُغُلًا". "صحيح البخاري" (١).

وجاء في أحاديث أُخرى ما يدل على منع الكلام في الصلاة، وهي كثيرة سبق أن تكلمنا عنها في مواضعها عند الكلام عن الكلام في الصلاة، والتفريق بين سهوه وعمده، وبين أن يكون لإصلاح الصلاة وبين أن يكون لغير إصلاحها، وسردنا الأدلة في ذلك وبينَّاها.

فيعلى بن أمية (٢) تكلم فقال: يرحمك اللَّه! فرماه القوم بأبصارهم فقال: ما شأنكم وا ثكل أمياه! ثم أخذوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم يصمتونني لكنني صمت، فلما قضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاته دعاه فقال: -يعني يعلى بن أمية (٣) - بأبي وأمي ما رأيت معلمًا أحسن من تعليمه فواللَّه ما كهرني، ولا شتمني، ولا ضربني ثم قال -صلى اللَّه عليه وسلم- له: "إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ"؛ أي: تسبيح اللَّه "وَالتَّكْبِيرُ"؛ أي: تكبير اللَّه "وَقِرَاءَةُ القُرْآنِ". "صحيح مسلم" (٤).

وهذا في الصلاة، والصلاة كما عرفنا سابقًا أقوال وأفعال، تفتتح بالتكبير وتُختتم بالتسليم.

فالشاهد هنا: أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يأمر يعلى بن أمية (٥) بأن يسجد؛ لأنه تابعٌ، فدلَّ ذلك على أن المأموم لا يسجد.

وأما ما نُقل عن (مكحول) (٦): فهذا رأي له انفرد به عن جماهير العلماء، فيُعتبر رأيه ضعيفًا في هذه المسألة.


(١) أخرجه البخاري (٣٨٧٥)، ومسلم (٥٣٨/ ٣٤).
(٢) هو معاوية بن الحكم وليس كما ذكر.
(٣) الصواب أنه معاوية كما سبق.
(٤) أخرجه مسلم (٥٣٧/ ٣٣).
(٥) هو معاوية بن الحكم.
(٦) سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>