للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النفس مرتاح البال؛ لأن الشك الذي كان يتردد في ذهنه ويخالج نفسه (١) ويستولي على جوارحه قد زال.

وإن كانت هذه الركعة التي صلاها هي فعلًا الرابعة، ففي ذلك ردعٌ وترغيمٌ للشيطان عدو الإنسان.

فالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يبين لأمته ما فيه خيرهم، وما فيه صلاحهم، وما فيه سعادتهم؛ فلو أن المسلمين التزموا هذه السنة العظيمة، سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لعاشوا في سعادة وفي خير وطمأنينة واستقرار وأمن وفي رغد (٢) من العيش.

قال تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (١٢٥) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (١٢٦)} [طه: ١٢٣ - ١٢٦].

فلا شك أن مَن يسلك طريق الرشاد وطريق الهداية أن نهايته الخير والفلاح والسعادة في الدارين.

أما من يسلك طريق الغواية ويسير في طريق الضلالات ويرتكب المعاصي ويخرج على دين اللَّه، وأشرُّ من ذلك من يحارب اللَّه سبحانه وتعالى والمؤمنين ومن يجعل مع اللَّه سبحانه وتعالى شريكًا له في عبادته، وفي دعائه، أو في ذبحٍ، أو في توكلٍ، أو في نذرٍ، ومن لا يستطيع أن يُقدم لك نفعًا ولا ضرًا، هذا أخطر من أولئك، وهؤلاء إن لم يتوبوا ويعودوا إلى اللَّه سبحانه وتعالى -وأبواب التوبة مفتوحة-؛ فإنهم سيجدون جزاء ذلك في جهنم وبئس المصير.


(١) أي: ينازعها. تقول: خالج قلبي أمرٌ، إِذا نازعك به فكرُك، ومنه: اختلاج العين وسائر الأعضاء، وهو اضطرابها. انظر: "جمهرة اللغة"، لابن دريد (١/ ٤٤٤).
(٢) الرغد: الكثير الواسع الذي لا يُعَنِّيك، من مال، أو ماء، أو عيش، أو كلأ. انظر: "الزاهر في معاني كلمات الناس"، لابن الأنباري (١/ ٤٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>