للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي في سورة النور مثلًا وفي سورة الكهف وغيرها، وكذلك نجد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُكثر أيضًا من ضرب الأمثلة ومن ذكر الشواهد، بل إننا نجد أحيانًا أن في كتاب اللَّه -عز وجل- وسُنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- بعض الأحكام التي كانت تنزل إما إجابةً لسؤال، أو فتوى لمستفتٍ: قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} [الأنفال: ١]، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ} [البقرة: ١٨٩]، {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: ١٧٦] .. . إلى غير ذلك.

والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- جاءه رجلٌ فقال: يا رسول اللَّه إنَّا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا، فنتوضأ بماء البحر، إذ يقول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هو الطَّهُورُ ماؤُهُ الحِلُّ ميتتُهُ" (١).

إذن؛ هذه الأمثلة وهذا القصص وهذه الشواهد إنما قصد فيها التقريب للناس، والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد أن قال: "إذا شَكَّ أحدُكُم في صَلاتِهِ، فلم يَدري كم صلَّى ثلاثًا أو أربعًا، فليَطرحِ الشَّكَّ" (٢)؛ لأن هذا من وساوس الشيطان يريد أن يُفسد عليه صلاته، وأن يلبِّس عليه الأمر، فعليه ألا يمكِّنه من ذلك "فليأخذ باليقين" واليقين هو الأقل.

البناء إنما يكون على اليقين والذي يستيقنه هو أنه صلى ركعتين مثلًا لا ثلاثة فيأخذ باليقين ويدع عنه الشك، وأقل ما في ذلك أنه أحوط لك في دينك، "فليطرح الشك وليبنِ على ما استيقن".

ثم زاد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك بيانًا وتفصيلًا بقوله: "ثُم لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبلَ أنْ يُسَلِّمَ".

ثم بيَّن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- العلة في ذلك فقال: "فإن كان صلى خمسًا؛ شفعت له هذه الخامسة صلاته" (٣). أي: ينتهي من صلاته وهو مطمئن


(١) أخرجه أبو داود (٨٣) وغيره عن أبي هريرة، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود - الأم" (٧٦).
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>