للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه السنة الصحيحة التي تناقلها العلماء جيلًا بعد جيل ودوَّنوها في كتب مسطورة ونقَّحوها (١) وهذَّبوها (٢) ودافعوا عنها وذبُّوا (٣) عنها من ضلالات المضلين وتحريفات المحرفين، حفظها العلماء -رحمهم اللَّه تعالى-، هذه هي الشريعة الإسلامية الخالدة، وما يحصل من اجتهادٍ فهو لا يبعد عما في هذه الشريعة؛ لأن أصوله موجودة في كتاب اللَّه عز وجل وفي سُنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-.

فمعنى قوله: "إذا شك أحدكم في صلاته"؛ أي: أن الإنسان يشك، ولا يمكن أن يمر أي إنسان منا إلا وقد حصل له ذلك؛ لأنه عرضة لذلك.

ثم بيَّن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك بيانًا شافيًا لا يتطرق إليه شك، "فلم يدرِ كم صلى ثلاثًا أم أربعًا" (٤)، فالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بيَّن ذلك عن طريق المثال، واللَّه تعالى يقول: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (٤٣)} [العنكبوت: ٤٣].

فنجد أن كتاب اللَّه -عز وجل- يُكثر من ذكر الأمثال، ومن ذكر القصص لما فيها من العبرة؛ ولأن الأمثال تستقر في الأذهان، وترسخ في النفوس، وتثبت في القلوب؛ ولذلك نجد أن اللَّه سبحانه وتعالى يحكي لنا كثيرًا من قصص السابقين؛ كقصة أهل الكهف، وقصة يوسف عليه السلام مع إخوته، وكذلك قصص كثيرة في كتاب اللَّه عز وجل، ويُكثر اللَّه سبحانه وتعالى من ضرب الأمثال


= للأشربة، وقولهم ليس فيه شائبة ملك يجوز أن يكون مأخوذًا من هذا، ومعناه: ليس فيه شيء مختلط به وإن قل". انظر: "المصباح المنير"، للفيومي (١/ ٣٢٦).
(١) قال ابن فارس: "النون والقاف والحاء أصل صحيح يدل على تنحيتك شيئًا عن شيء" انظر: "مقاييس اللغة" (٥/ ٤٦٧).
(٢) هَذَب الشيءَ يَهذِبُه هَذْبًا، وهَذَّبه: نَقَّاه وأَخلصه، وقيل: أَصْلَحه. انظر: "لسان العرب"، لابن منظور (١/ ٧٨٢).
(٣) يقال: فلان يَذُبُّ عن حَريمه ذبًّا؛ أي: يَدفع عنهم. انظر: "تهذيب اللغة"، للأزهري (١٤/ ٢٩٦).
(٤) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>