للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَهَا، وَيُسَلِّمْ" (١)، فَذَهَبَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ (٢) مَذْهَبَ الجَمْعِ، وَمَذْهَبَ التَّرْجِيحِ، وَالَّذِينَ ذَهَبُوا مَذْهَبَ التَّرْجِيحِ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى المُعَارِضِ).

مراده: أن مذهب الترجيح هو أن تأخذ بأدلة فتُقدمها على أدلة أُخرى، والآخذ بالأدلة وهو أن يقدم أدلته وتقديم الأدلة له عدة أسباب منها:

- أن يرى أن أدلته أصح.

- أو أنها أدلُّ على المدعَى من أدلة المخالف. . .

أو غير ذلك من المرجحات والأسباب التي يذكرها صاحب القول.

* قوله: (وَمِنْهُمْ مَنْ رَامَ (٣) تَأْوِيلَ المُعَارِضِ، وَصَرْفَهُ إِلَى الَّذِي رَجَّحَ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ بَعْضِهَا، وَأَسْقَطَ حُكْمَ البَعْضِ).

الجمهور: رجحوا جانب البناء على اليقين (٤)؛ أخذًا بحديث أبي سعيد: "إذا شَكَّ أحَدُكُمْ في صلاتِه فلَمْ يَدْرِ أصلَّى ثلاثًا أمْ أرْبَعًا؟ فلْيَطْرَحْ الشَّكَّ، ولْيبنِ على ما اسْتَيْقَنَ، وليَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبلَ أنْ يُسَلِّمَ. . . " (٥).

قالوا: هذا نص في المدعَى؛ فهو يدل على البناء على اليقين وهو صريح في موضوع الشك فأخذوا به، وتأولوا حديث التحري بأن القصد


(١) أخرجه أبو داود (١٠٣٣) عن عبد اللَّه بن جعفر، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعدما يسلم". وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود - الأم" (١٨٩).
(٢) أي: الأحاديث التي فيها التحري والاعتبار بغلبة الظن، والأحاديث التي فيها البناء على اليقين.
(٣) رام يروم رومًا ومرامًا: طَلَب. انظر: "العين"، للخليل (٨/ ٢٩١).
(٤) وهم المالكية والشافعية ومشهور مذهب الحنابلة كما سبق.
(٥) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>