فالفقه أخذ أكبر شطرٍ مما يتعلَّق بعلومِ الشريعة، فأخذ ما يتعلَّق بالعبادات، وما يتعلَّق بالمعاملات، وما يتعلَّق بالعلاقات الدولية، وما يتعلَّق كذلك بنظام الحكم، وكذلك ما يتعلَّق بجميع الأحكام ذات السياسة كالأمر بالمعروف التي نعرفها بالحِسبة، ونظام الأسرة والقضاء، كل هذا يدخل في الفقه.
٣ - ما يتعلَّق (بعلم الأخلاق) كالعدل والشجاعة والكرم إلى غير ذلك فهذه موضوعها علم الأخلاق.
لكن هذه العلوم كلها تدور في فلكٍ واحد وهو هذه الشريعة الإسلامية.
والفقه كان يطلق في أول أمره إطلاقًا موازيًا للشريعة، كان في أول إطلاقه إنما كان معادلًا أو كان موافقًا للشريعة في جميع عموماته؛ ولذلك أبو حنيفة عندما كتب كتابه المعروف "الفقه الأكبر" كان في العقيدة لكنه سماه "الفقه الأكبر".
ثم بعد ذلك اصطُلح إلى اصطلاح آخر في الفقه، إلى أن استقر الفقه على علم الفروع الذي ندرسه الآن في هذه الكُتب الذي تشمل (العبادات والمعاملات) وبعضهم يزيد في الأقسام فيقُسمه إلى عبادات، ومعاملات، وإلى أحكام أسرة، وإلى قضاء، وإلى علاقات دولية، وغير ذلك أحكام متعددة، ولا مُشاحة في الاصطلاح.
هذه أيضًا ما تشمله هذه الشريعة، يدخل في ذلك: الأحكام الواجبة وغير الواجبة ما دام أن هذه الأحكام تسير في فلك هذه الشريعة ولا تخرج عن دائرتها ولا عن محورها؛ فهي كلها علوم شرعية؛ وهي كما ذكر المؤلف تنقسم إلى فرائض وإلى غير فرائض والفرائض تحدثنا عنها جُملة، وبقي الآن أن ننتقل وأن نشرع بإذن اللَّه تعالى في الباب الثاني المتعلق بالأحكام غير الواجبة ذات الصلة بالصلاة (١).
(١) انظر التفصيل في: "البحر المحيط في أصول الفقه"، للزركشي (١/ ٣٠ - ٤٩).