للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والصلوات التي تؤدى فرادى تنقسم إلى قسمين:

• سنن معينة: وهي ما جاءت الأحاديث بتعيينها بأنها سُنَّة من السنن؛ إما لمداومة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- عليها، أو لحضه عليها، أو لطلبه فِعْلِها، ولكنها لا تصل إلى درجة الواجب، وسيأتي مناقشة ذلك في الكلام عن الوتر، وركعتي الفجر، والرواتب -على اخْتلَافٍ بين العلماء في عَدِّها- كما سيأتي.

• سُنن مطلقة: يفعلها الإنسان.

• موعظة في الاعتناء بالنوافل:

لا شك أن اللَّه سبحانه وتعالى يَسَّر على عباده، ووضع لهم طريقًا يتنافسون فيه؛ ففرض فرائض، وألزم المؤمنين العمل بها، والوقوف عندها، وعدم تجاوزها، فلا يجوز لمُسْلمٍ أن يترك واجبًا من الواجبات، ثم إن اللَّه سبحانه وتعالى سنَّ سننًا لعباده، وجعل ذلكَ ميدانًا فسيحًا يَتسَابق فيه المتسابقون، ويَتنَافس فيه المتنافسون؛ فيَدْخل في عموم قول اللَّه سبحانه وتعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: ١٤٨].

وقَوْله سبحانه وتعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: ١٣٣].

فَهَذِهِ عباداتٌ لَيْست مفروضةً، لكنها تقربك إلى اللَّه سبحانه وتعالى، وَتَزيد في حسناتك، وتحط من خطاياك، وبها أيضًا جَبْر لما قَدْ يحصل من خَلَلٍ في صلاتك المفروضة، فيَنْبغي للمؤمن أن يُعْنى بذلك، وقَدْ سبق أن أشار المؤلف إلى أن من العلماء من أثَّمَ الذين يُقَاطعون السنن عمومًا، بَلْ وَصَف الإمام أحمد تارك الوتر مطلقًا بأنه رجل سوء، لا تُقْبل شهادته (١)، مع أنه لا يوجبه، لكنه يرى أنه لا ينبغي للمؤمن أن يكون جافيًا، فيترك هذه السنن التي أعطاها اللَّه سبحانه وتعالى، وجعلها له طريقًا يتزود فيه من الخيرات،


(١) يُنظر: "مسائل الإمام أحمد رواية ابنه صالح" (١/ ٢٦٦) قال: "وسألته عن الرجل يَتْرك الوتر متعمدًا ما عليه في ذلك، قال أبي: هذا رجل سوء، هو سُنَّة سَنَّها رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه". وانظر: "شرح منتهى الإرادات" (١/ ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>