للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويزداد فيه من القربات، ويتقرب به إلى اللَّه سبحانه وتعالى، "ولا يَزَال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه" (١).

فعملك النوافل، ومحافظتك على السنن ينتهي بك إلى أن يحبك اللَّه، وَهُوَ مطلبٌ يَرُومه كل مسلمٍ، وَيسْعى إلى أن يظفر به؛ لأنه سعادة المؤمن، وفوزه، ونجاته، وَغَايته التي يريد أن ينتهي إليها.

ولذَلكَ، في قصَّة الرجل الذي سأل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عندما كَانَ يخطب الناس يوم الجُمُعة، فقال: يا رسول اللَّه، متى الساعة؟ فلم يرد عليه في أول مرة حتى كررها، فلم يقل الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- له: إن الساعة في وقت كذا؛ لأن ذلك لا يعلمه إلا اللَّه سبحانه وتعالى، فهو الذي يُنزل الغيث، ويعلم ما في الأرحام، وما تدري نفسٌ ماذا تكسب غدًا، وما تدري نفسٌ بأي أرضٍ تموت، وفي مطلع الآية: ({إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: ٣٤]، وإنما أَرْشَده الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى أمرٍ أهم من ذلك، فقال له: "ويحَكَ، ماذا أعددتَ لَها؟ "، قال: حب اللَّه، وحب رسوله.

فَعَن أَنَسٍ -رضي اللَّه عنه- أن رجلًا سأل النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الساعة، فقال: متى الساعة؟ قال: "وماذا أعددتَ لها؟ ". قال: لا شيء، إلا أني أحب اللَّه ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "أنتَ مع من أحببت"، قال أنس: فما فرحنا بشيءٍ فرحنا بقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَنْتَ مع مَنْ أحببتَ" (٢).

فَهَذا الرجلُ أعدَّ للسَّاعة حُبَّ اللَّه، وحُبَّ رسوله، فأجَابه الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنتَ مع مَنْ أحْبَبْتَ".

وإعدادك محبة اللَّه ومحبة رسوله يَقْتضي منك العملَ؛ أن تتقرب إلى اللَّه سبحانه وتعالى بالحسنات، بالصالحات، وأن تبتعد عن الخطايا والزلات،


(١) أخرجه البخاري (٦٥٠٢)، عَنْ أبي هريرة، قال: قال رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّه قال: مَنْ عادى لي وليًّا، فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيءٍ أحب إليَّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه. . . ". الحديث.
(٢) أخرجه البخاري (٣٦٨٨) ومسلم (٢٦٣٩/ ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>