للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا نريد أن ندخل في تفريعات المذاهب، وخصوصًا أنها آراؤها واهية، لكنَّ المشهور الصحيح من مذهب الإمام مالك أنه يلتقي مع جماهير العلماء، في جواز المسح على الخفين.

ومما يدلُّ على ذلك ما حكاه ابن المنذر عن الحسن البصريِّ أنه قال: حدثني سبعون من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- مسح على الخفين" (١).

ونُقل عن عبد الله بن المبارك أنه قال: ليس في المسح على الخفين أنه جائزٌ خلاف، أي: لا خلاف في جوازه (٢).

وقال الإمام أحمد رَحِمَهُ اللهُ: ليس في قلبي شيٌ من المسح على الخفين (٣). مراده: أنه لا يرتاب في جواز ذلك ولا يتوقف، بل نفسه مطمئنةٌ وفؤاده مستقِرٌّ، وعلَّل ذلك بأنه: بلغهُ أربعون حديثًا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (٤)، ما بين مرفوعٍ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وموقوف على الصحابة.

إذًا رأينا أنَّ القولَ الأولَ هو قول عامة العلماء، ومنهم الأئمة الأربعة على أساس الرواية المشهورة عن الإمام مالك، لأنَّ الإمام مالكًا له ثلاتُ رواياتٍ (٥) كلها تلتقي حول هذا:


(١) أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (٢/ ٨٢ - ٨٣).
(٢) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (٢/ ٨٣ - ٨٤) حيث قال: "وقد روينا عن ابن المبارك أنه قال: ليس في المسح على الخفين اختلاف أنه جائز، قال: وذلك أن كل من روي عنه من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كره المسح على الخفين فقد روي عنه غير ذلك".
(٣) يُنظر: "المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين" لأبي يعلى الفراء (١/ ٩٨) حيث قال: "ونقل مهنا عنه أنه سئل: أيما أعجب إليك اليسح على الخفين أو الغسل فقال: كله جائز ليس في قلبي من المسح ولا من الغسل شيء".
(٤) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٦١) حيث قال: "وقال أحمد: ليس في قلبي من المسح على الخفين شيء فيه أربعون حديثًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ".
(٥) تقدم ذكر هذه الأقوال عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>