للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ تَعالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (١٠٧) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (١٠٨)} [الكهف: ١٠٧، ١٠٨].

وقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (٩٦)} [مريم: ٩٦].

فَلَا يقتصر العمل الصالح على الصلاة فحسب، بل يعمُّ، فيشمل الزكاة، والصدقات، فالصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار (١)، ومنها: الصبر، وله منزلة عظيمة بأنواعه: أن تصبر على ما يصيبك من أذًى أو ألم ابتغاء مرضاة اللَّه سبحانه وتعالى (٢).

فأنت إذا جاهدت في سبيل اللَّه، فقد بعتَ نفسك للهِ سبحانه وتعالى، واللَّه تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ١١١].

فأنت عندما تدخل خضم المعركة، تُقدم نَفْسَك رخيصةً، تبتغي الشهادة ورضوان اللَّه سبحانه وتعالى، ولا تكون الشهادة إلا إذا قاتلت لتكون كلمة اللَّه هي العليا، وأما مَنْ قاتل شجاعةً أو شهرةً أو عصبيةً، فهذا لا ينفعه (٣).


(١) أخرجه الترمذي (٢٦١٦) وغيره عن معاذ بن جبل قال: كنت مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في سفرٍ، فأصبحت يومًا قريبًا منه ونحن نسير، فقلت: يا رسول اللَّه، أخبرني بعَمَلٍ يدخلني الجنة، ويباعدني عن النار، ثم قال: "ألا أَدلك على أبواب الخير: الصوم جُنَّة، والصَّدقة تطفئ الخطيئة كما يُطْفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل. . . ". الحديث. وصححه الأَلْبَانيُّ في "صحيح الجامع" (٥١٣٦).
(٢) أخرج البخاري (١٢٨٣) وغيره عن أنس بن مالكٍ قال: مرَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بامرأةٍ تبكي عند قبر، فقال: "اتقي اللَّه واصبري"، قالت: إليك عني، فإنك لم تُصَب بمصيبتي، ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأتت باب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لَمْ أعرفك، فقال: "إنما الصَّبر عند الصدمة الأولى".
(٣) أخرجه البخاري (١٢٣)، واللفظ له، ومسلم (١٩٠٤/ ١٤٩) عن أبي موسى قال: جاء رجل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه، ما القتال في سبيل اللَّه؟ فإن أحدنا يقاتل غضبًا، ويقاتل حميةً، فرفع إليه رأسه، قال: وما رفع إليه رأسه إلا أنه كان قائمًا، فقال: "مَنْ قاتل لتكونَ كلمَة اللَّه هي العليا، فهو في سبيل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ".

<<  <  ج: ص:  >  >>