للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (٧٦)} [القصص: ٧٦].

ويُخْبرنا تَعالَى عن قول قارون: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (٧٨)} [القصص: ٧٨].

{إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}: تعالٍ وتكبُّر وتجبُّر.

كَمْ تمنى من قومه أن يكون على مثل حاله، وأن يجمع من المال ما جمع قارون! فلما خسف اللَّه سبحانه وتعالى به وبداره الأرض، أدركوا، وأفاقوا؛ وندموا على هذا؛ قال تعالى: {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (٨٢) تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (٨٣)} [القصص: ٨٢، ٨٣].

فلا شكَّ أدْ العاقبةَ لمَن اتَّقوا اللَّهَ سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)} [النحل: ١٢٨].

فهؤلاء هُمُ الذين ينالون السعادة، ويفوزون في الدار الآخرة في يومٍ تبيضُّ فيه وجوهٌ، وتسود وجوهٌ؛ قال تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١٠٧)} [آل عمران: ١٠٧].

فَلْنَتَسابق إلى فعل الخيرات، ولننتبه أنها لا تقتضي منا كثيرَ وقتٍ، كم نضيع من الأوقات في السعي وراء الدنيا؟ وفي أمورٍ لا تنفعنا (١)، كم نخوض في الحديث، وفي الكلام عن الخلق، وَفي التعرُّض لأمورٍ في المجالس نخرج منها بآثامٍ كثيرةٍ، ولو أنَّنا تقربنا إلى اللَّه سبحانه وتعالى بجزءٍ من هذا الوقت الذي أمضينا، لرفعنا اللَّه سبحانه وتعالى به درجاتٍ عُلَا.


(١) وفي هَذَا حديث أخرجه البخاري (٦٤١٢)، عن ابن عباس قال: قال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نِعْمَتان مَغْبونٌ فِيهِما كَثيرٌ من النَّاس: الصِّحَّة والفَرَاغ".

<<  <  ج: ص:  >  >>