للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو كان الوتر واجبًا لبيَّنه الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فلمَّا لم يبينه، دلَّ على عدم وجوبه.

الدليل الثاني: حديث عبادة بن الصامت، وهو حديثٌ مخرج في "الصحيحين"، أنَّ رَسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "خَمْسُ صَلَواتٍ كتَبهنَّ اللَّه على العباد في اليوم والليلة، مَنْ حافظ عليهنَّ، كَان له عهدٌ عند اللَّه أن يدخله الجنة، ومَنْ لم يحافظ عليهنَّ، لم بكن له عهدٌ عند اللَّه، إنْ شاء عذَّبه، وإنْ شاء غَفَر له" (١).

فَمَنْ حَافظ على الصلوات الخمس، كان له عهدٌ عند اللَّه -واللَّه لا يخلف الميعاد- أن يدخله الجنة بشرط أن يكونَ قد أثبت الشهادتين، وحافظ على بقية أركان الإسلام، فإذا كان له عهدٌ عند اللَّه أن يدخله الجنة، دلَّ ذلك على أن الوتر ليس بواجب، لأنه لو كان واجبًا، لبيَّن في هذا المقام أيضًا، هذا هو الدليل الثاني.

الدليل الثالث: وَهُوَ من أقوى الأدلة -والأدلة كلها قوية- لكن هذا الدليل فيه مَيْزةٌ، وهو حديث بَعْث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- معاذًا إلى اليمن، عندما أرسله إلى اليمن وأوصاه عليه الصلاة والسلام، فقال: "إنَّك ستأتي قومًا أهل كتاب. . . " (٢).


(١) ليس في "الصَّحيحين"، وإنما أخرجه أبو داود (١٤٢٠) وغيره عن ابن محيريز أن رجلًا من بني كنانة يدعى: المخدجي، سمع رجلًا بالشام يدعى: أبا محمد، يقول: إن الوتر واجب. قال المخدجي: فرحت إلى عبادة بن الصامت، فأخبرته، فقال عبادة: كذب أبو محمد، سمعتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "خَمْس صَلَواتٍ كتبهنَّ اللَّه على العباد، فَمَنْ جاء بهن لم يضيع منهنَّ شيئًا استخفافًا بحقهنَّ، كان له عند اللَّه عهدٌ أن يدخله الجنة، ومَنْ لم يأت بهنَّ، فليس له عند اللَّه عهدٌ، إنْ شاء عذَّبه، وانْ شاء أدخله الجنة"، وصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "صحيح الجامع" (٣٢٤٣).
(٢) أخرجه البخاري (١٤٩٦)، عن ابن عباس قال: قال رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لمعاذ بن جبلٍ حين بَعَثه إلى اليمن: "إنك ستأتي قومًا أهل كتاب، فإذا جئتهم، فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدًا رسول اللَّه، فإن هُمْ أطاعوا لك بذلك، فأخبرهم أن اللَّه قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة. . . ". الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>