للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوارد في آية الوضوء إنما هو الغسل، وفي الآية قراءتان، القراءة الأولى بفتح اللام قال تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}، والقراءة الثانية بكسر اللام قال تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ}، وهما قراءتان مشهورتان، وفي هذه المسألة خلاف بين بعض العلماء، وبذلك أخذ الشيعة، وانتهينا إلى ترجيح: أنَّ الصحيحَ الواجبَ المتعينَ إنما هو غسلُ الأرجل.

فالذين يقولون بعدم المسح يقولون: إنَّ الَايةَ ليس فيها ذكر للمسح، وإنَّما الآية جاءت بالفرائضِ ولم تذكر إلا غسلًا، والمسح ليس بغسلٍ، ولذلك الآية تَردُّ المسح.

ومن أدلة الذين يقولون بعدم جواز المسح على الخفين، بل هي من أدلة بعضهم -في الواقع- فهناك من يرى: أنَّ الأرجل لا تُغسل وإنَّما تمسح، ولكن من يقول بالغسل من هؤلاء يرى: أنَّ الآية اقتصرت على الغسل، وأنه ليس فيها ذكر للمسح، فيرون: أن ما وردَ معارضٌ لما في الآيةِ.

وقد ذكر المؤلف هنا كلمة طيبة فقال: (مَا يُظَنُّ)، والظن ليس يقينًا (١)، وهذا هو الواقع، بل نقول: ما يُتَوهَّم في الواقع؛ لأنَّ الظنَّ يقرب من اليقين، فهناك يقينٌ واعتقادٌ وظنٌّ، ثم بعد ذلك شكٌّ ووهمٌ، ولذلك نقول: توهم هؤلاء، وإلا فالواقع أنَّ الآية لَا تتعارض مع ما ورد من أحاديثَ في ذلك، وإنَّما الآية جاءت في المغسولات، وهي لا تتحدث عن لابس الخفين، إنَّما تتحدث عن غير لابس الخُفِّ.


= جماعة من قرأة الحجاز والعراق: (وأرجلكم إلى الكعبين)، نصبا فتأويله: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين، وامسحوا برؤوسكم … وقرأ ذلك آخرون من قراء الحجاز والعراق: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} بخفض "الأرجل"، وتأول قارئو ذلك كذلك: أن الله إنما أمر عباده بمسح الأرجل في الوضوء دون غسلها، وجعلوا "الأرجل" عطفًا على "الرأس"، فخفضوها لذلك.
(١) الظن: مصدر من باب قتل وهو خلاف اليقين؛ قاله الأزهري وغيره، وقد يستعمل بمعنى اليقين. انظر: "المصباح المنير" للفيومي (٢/ ٣٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>