للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (لِلْآثَارِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي المَسْحِ مَعَ تَأَخُّرِ آيَةِ الوُضُوءِ، وَهَذَا الخِلَافُ كلانَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِي الصَّدْرِ الأَوَّلِ، فَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّ آيَةَ الوُضُوءِ نَاسِخَةٌ لِتِلْكَ الآثَارِ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ (١)، وَاحْتَجَّ القَائِلُونَ بِجَوَازِهِ بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ" (٢)).

المؤلف أوجز الكلام في هذه المسألة، وهي أهمُّ من أن نُمرَّها كما في الكتاب، فهي مسألة هامَّة، ونحن كما قلنا في دراستنا للفقه: إننا ينبغي أن نحرر المسائل ونحقق القول فيها، لا سيَّما المسائلُ التي يحتدم فيها الخلاف، ويكون الخلافُ فيها ضعيفًا أو ساقطًا، فنحن لا نرى من بين هذه الآراء إلا رأيًا واحدًا، وهو رأي الذين يقولون: بجواز المسح على الخفين مطلقًا، حضرًا كان ذلك أو سفرًا، أمَّا دعوى: أن الآية لم يرد فيها ذكرٌ للمسح، فهذا تعليل مردود عليه، وأمَّا تعليلُ الذين يقولون: بجوازه في السفر دون الحضر، لأن أكثرَ الأحاديث إنما جاءت في السفر، فلا يمنع أيضًا أن يكون ذلك في الحضر لورود أحاديثَ صحيحةٍ منها ما ورد في صحيح مسلم، ومنها ما ورد في غيره كما سنذكره (٣).

إذًا قول عامة العلماء هو جواز المسح على الخفين، وكما ذكرنا سابقًا فقد حكى فيه ابن المنذر الإجماع (٤)؛ لأنه لا يعتد بآراء المخالفين ويرى أنها ساقطةٌ، ولذلك عندما يقرأ الإنسان في بعض الكتب المبسوطة نجد أن بعضهم لا يُلقِي بالًا لمثل هذه الآراء الشاذة والضعيفة الساقطة.

ومن الأحاديث الصحيحة الصَّريحة التي وردت في المسح على


(١) تقدم ذكر مذهبه قريبًا.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) سيأتي ذكرها قريبًا.
(٤) تقدم نقل الإجماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>