للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخفين حديثِ المغيرة بن شعبة: (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسحَ على الخفين في غزوة تبوك) (١).

وغزوةُ تبوك كانت في آخر أيامِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد وقعت بعد نزول آية المائدة التي نتكلم عنها، إذًا جاءت متأخرة (٢).

ومن الأدلة الذي يستدل بها هؤلاء: ما ورد في الصحيحين من حديث جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- أنه قال: (رأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسح على الخفين) (٣). زاد أبو داود في روايته: فسئل عن ذلك: هل كان ذلك قبل نزول المائدة؟ فقال: وما أسلمتُ إلا بعد نزول المائدة (٤).

فهو برده هذا قطع كل احتمال، كما قيل: (قطعت جهيزة قول كل خطيب) (٥).

إذًا جريرٌ -رضي الله عنه- كان أحد الذين رووا لنا أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في


(١) أخرجه بتسمية الغزوة النسائي (٧٩) عن المغيرة بن شعبة قال: "سكبت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين توضأ في غزوة تبوك فمسح على الخفين".
وهو في الصحيحين؛ البخاري (١٨٢)، ومسلم (٢٧٤/ ٧٧) قال: في سفر، لم يسم غزوة.
(٢) غزوة تبوك كانت في رجب سنة تسع. انظر: "سيرة ابن هشام" (٢/ ٥١٥)، و"البداية والنهاية" لابن كثير (٥/ ٥).
وسورة المائدة مدنية.
(٣) أخرجه البخاري (٣٨٧)، ومسلم (٢٧٢/ ٧٢) عن همام بن الحارث، قال: رأيت جرير بن عبد الله "بال، ثم توضأ ومسح على خفيه، ثم قام فصلى" فسئل، فقال: "رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- صنع مثل هذا".
(٤) وفي سنن أبي داود ح (١٥٤) (أَنَّ جَرِيرًا بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ عَلَى الخُفَّيْنِ وَقَالَ: مَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَمْسَحَ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَمْسَحُ قَالُوا: إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ المَائِدَةِ؟ قَالَ: مَا أَسْلَمْتُ إِلَّا بَعْدَ نُزُولِ المَائِدَةِ).
(٥) أصله أن قومًا اجتمعوا يخطبون في صلح بين حيَّين قتل أحدهما من الآخر قتيلًا، ويسألون أن يرضوا بالدية، فبيناهم في ذلك إذ جاءت أمة يقال لها: "جهيزة" فقالت: إن القاتل قد ظفر به بعض أولياء المقتول فقتله، فقالوا عند ذلك "قطعت جهيزة قول كل خطيب" أي قد استغنى عن الخطب. انظر: "مجمع الأمثال" للميداني (٢/ ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>