للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسح على الخفين، فهو قال مرةً: (رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسح على الخفين) وهذه الرواية في الصحيحين، ومرةً هو مسح على الخفين وهي عند أبي داود، ورواية أبي داود هذه قد تلقاها العلماء بالقبول وسُرُّوا بها، ولما سئل -رضي الله عنه- عن ذلك قال: وهل أسلمتُ إلا بعد نزول المائدة، يعني: كأنَّ ذلك أشكل على بعض الصحابة فسألوه: إنما ذلك كان قبل نزول المائدة، يعني: أن المسح على الخفين كان موجودًا فلما نزلت آية المائدة وهي قول الله سبحانه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}، وهذه الآية ليس فيها ذكرٌ إلا لمسح الرأس.

إذًا هناك من ظنّ أنَّ ذلك كان قبل نزول المائدة، وأنَّ آية المائدة إنَّما جاءت بالغَسل وكفى، فبيَّن أنه إنما أسلم بعد نزول المائدة، ولذلك قال: وما أسلمت إلا بعد نزول المائدة، وقد كان إسلامه -رضي الله عنه- في السنة العاشرة، إذًا إسلام جرير كان متأخرًا (١).

ومن الأحاديث التي يذكرها العلماء في ذلك أيضًا: ما رواه البخاري في صحيحه من حديث سعد بن مالك (٢)، والمغيرة بن شعبة (٣)، وعمرو بن أمية (٤): (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسح على الخفين).

وقد استقصى كثير من العلماء هذه الأحاديث وجمعوها، فبعضهم: أوصلها إلى خمسين حديثًا، وبعضهم: أوصلها إلى ستين، وبعضهم:


(١) أسلم جرير بن عبد الله في السنة التي قبض فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-. يُنظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (٦/ ٢٢).
(٢) أخرجه البخاري (٢٥٢) عن سعد بن أبي وقاص عن "النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه مسح على الخفين".
(٣) أخرجه البخاري (٢٠٣) عن المغيرة بن شعبة، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "أنه خرج لحاجته، فاتبعه المغيرة بإداوة فيها ماء، فصب عليه حين فرغ من حاجته فتوضأ ومسح على الخفين".
(٤) أخرجه البخاري (٢٠٤) عن عمرو بن أمية الضمري أنه "رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يمسح على الخفين".

<<  <  ج: ص:  >  >>