للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدَفعنا ذلك بأن القصدَ من الحَديث الوتر المعروف، وليس في وتر الفرائض.

وَلذَلك، ذَهَب أكثر العلماء إلى أن الإنسان لا يشفع الوتر بركعةٍ، وإنما يتهجد ما شاء، فيُصلِّي ركعتين ركعتين، وهذا جائزٌ له، وقد مرَّ بنا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى ركعتين وهو جالس بعد الوتر، فعن أبي سلمة قال: سألت عائشة عن صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالت: كان يُصلِّي ثلاث عشرة ركعة، يصلي ثماني ركعات، ثم يوتر، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فإذا أراد أن يركع قام فركع، ثم يصلي ركعتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح (١).

فلمَّا صلَّى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ركعتين وَهُوَ جالسٌ بعد الوتر، اعتبر العلماء ذلك دليلًا على أنه يجوز للإنسان أن يُصلِّي الشفع بعد الوتر، ولَيْسَت هذه من السُّنَن الثابتة؛ لأنه أيضًا جاء في تلك الأحاديث أنَّ الرَّسولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَعلَ ذلك عندما أسنَّ، وأَخَذه اللَّحمُ (٢).

وبَعْضُ النَّاس يَأْتِي، فيَعْتبر هذه سُنَّةً ثابتةً ومتعينةً، أن يُصلي الإنسان إذا فرغ من وتره ركعتين وهو جالس!

وقَدْ أنكرَ الإمامُ النوويُّ على الذين يفعلون ذلك معتقدين سُنيَّة ذلك، وأنه لا بد منه، وبيَّن أنه جائزٌ، وليس بمسنونٍ (٣).

* قوله: (وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ يَشْفَعُ الوِتْرَ الأَوَّلَ بِأَنْ يُضِيفَ إِلَيْهِ رَكْعَةً ثَانِيَةً، وَيُوتِرَ أُخْرَى بَعْدَ التَّنَفُّلِ شَفْعًا، وَهِيَ المَسْأَلَةُ التِي يَعْرِفُونَهَا


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) يُنظر: "شَرْح النووي على صحيح مسلم" (٦/ ٢١، ٢٢)، قال: "الصواب أنَّ هَاتَين الرَّكعتين فَعَلهما -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد الوتر جالسًا لبيان جواز الصلاة بعد الوتر، وبيان جَوَاز النفل جالسًا، ولم يُوَاظب على ذلك، بل فعله مرةً أو مرتين أو مرات قليلة. . . ".

<<  <  ج: ص:  >  >>