للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دراسة المسائل الكبرى التي تقرب من القواعد الفقهية، وربما يكون بعضها قاعدةً، لكنه هنا عرض لهذه المسألة لأهميتها؛ فإن الإنسان قد يُصلي وتره أول الليل، ثم يقوم آخر الليل، فلا يريد أن تمضي عليه تلك الساعات والأوقات بلا صلاةٍ، فيريد أن يصلي، فقد اختلف العلماء في حكمه؛ فَمنهم مَنْ قال: يُضِيفُ إلى وتره السابق ركعةً، فيشفع ذلك الوتر، فيصير شفعًا، ثم بعد ذلك يَتَهجَّد ما شاء، ثم يعود مَرةً أُخرى فيوتر، وهو ما يعرف بنقض الوتر؛ لأنه نقض وتره الأول بأن شفعه بركعة، ثم عاد فصلى الوتر، ويرِد على هذا الحديث المعروف: "لا وِتْرَان في ليلةٍ" (١)؛ أي: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى أن يُصلى في الليلة الواحدة الوتر مرتين.

فهذا حديث صريح، ولا اجتهاد مع النص، وقَدْ ذكرنا قبل ذلك أن بعض العلماء قال: لو صلى إنسان صلاة المغرب في بيته أو في جماعةٍ، ثمَّ دَخَل المسجد، فَوَجد الناس يصلُّون، فإنه يُصلِّيها معهم، ويشفعها برابعةٍ حتى لا يقع في حديث: "لَا وِتْرَانِ في ليلةٍ" (٢).


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
فمذهب الحنابلة، يُنظر: "البناية شرح الهداية" للعيني (٢/ ٥٦٥) حيث قال: " (الفرض لا يتكرر في وقت واحد) ش: لأن اللَّه تعالى لم يوجب على أحدٍ ظهرين أو عصرين في يوم واحد".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير وحاشية الدسوقي (١/ ٣٢١) حيث قال: "وأما المغرب، فيحرم إعادتها؛ لأنَّها تصير مع الأخرى شفعًا، ولما يلزم من النفل بثلاثٍ، ولا نظير لَه في الشرع. . . لأنه إن أعاد الوتر، لزم مخالفة قوله عليه السلام: "لَا وِتْرَانِ في ليلةٍ".
ومَذْهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المطلب" للجويني (٢/ ٢١٢) حيث قال: "فأما المغرب، فلا تستعقب وقتًا مكروهًا، ولكن التنفل بثلاث ركعات مما لا نَرَاه في غير وتر الليل، فليزد ركعةً أُخرى حتى تصير الصلاة أربع ركعات".
ومَذْهب الحَنَابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ٤٥٨) حيث قال: "إلا المغرب، فلا تُسَن إعادتها؛ لأن المعادةَ تطوع، وَهُوَ لا يكون بوترٍ، ولو كان صلى وَحْده، ذكر القاضي وغيره".

<<  <  ج: ص:  >  >>