للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثَبتَ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: "رَكْعَتَا الفَجْر خيرٌ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"، رَواه مسلمٌ (١).

وقال عليه الصلاة والسلام: "رَكْعَتَا الفَجْر أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"، رواه مسلم (٢).

وَإنَّما كانت ركعتا الفجر خيرًا، وأحب إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الدنيا وما فيها؛ لأن الدنيا لا قيمةَ لهَا، وفي المقابل فضل عظيمٌ جدًّا في هاتين الركعتين.

وَهَذا المقام يَسْتدعي منا أن نبين بإيجازٍ مكانة هذه الحياة عند اللَّه سبحانه وتعالى، فنشير إلى بَعْض الأحاديث الواردة في هَذَا الشأن، ومنها: عن المُسْتورد بن شداد قال: إني لفي الرَّكْب مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، إذ أتى على سخلةٍ (٣) منبوذةٍ (٤)، قال: فقال: "أتَرَون هذه هانت على أهلها"، قال: قيل: يا رسول اللَّه، مِنْ هَوَانها ألْقَوها، أو كما قال، قال: "فَوَالذي نَفْسي بِيَدِهِ، للدُّنيا أهون على اللَّه من هَذِهِ على أهلها" (٥).

فهَذِهِ السخلة كانت لها مكانةٌ كبيرةٌ عند أهلها، كانوا يَسْتفيدون منها، وَيتمتَّعون بشيءٍ مما تُنْتجه هذه السخلة، لكنها لما ماتت وتعفنت أصبحت غير صالحةٍ، ولم يعد في وُسْعهم أن يصبروا على رائحتها فأَلْقَوها، فتخلصوا منها، فقد صارت ميتةً محرمةً؛ كما قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ


(١) أخرجه مسلم (٧٢٥/ ٩٦)، وغيره عن عائشة.
(٢) أخرجه مسلم (٧٢٥/ ٩٧) وغيره عن عائشة، عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال في شأن الرَّكْعَتين عند طلوع الفجر: "لَهُمَا أحبُّ إليَّ من الدنيا جميعًا".
(٣) "السخلة": ولد الغنم من الضأن والمعز ساعةَ وَضْعه؛ ذكرًا كان أو أنثى. انظر: "مختار الصحاح" للرازي (ص ١٤٤).
(٤) "المنبوذة": التي لا تؤكل من الهزال، شاةً كانت أو غيرها، وذلك لأنها تنبذ. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٣/ ٥١٢).
(٥) أخرجه ابن ماجه (٤١١١) وغيره، وصححه الأَلْبَانيُّ في "الصحيحة" (٥/ ٦٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>